(وستأتي كيفية بنائه في تفسير الآية المذكورة آنفا من البقرة ج ٣) وان الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا في الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، (أي ولا تناله بشيء) فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا (العائف المتردد حول الماء) فقالوا إن هذا الطائر ليدور على ماء ولعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريّا أو جريين (بالتشديد الرسول) فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم، فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت نعم، ولكن لا حق لكم في الماء، قالوا نعم، قال ابن عباس قال النبي صلّى الله عليه وسلم فالفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم، حتى إذا كانوا بها أهل أبيات منهم ونشب الغلام وتعلم العربية منهم وآنسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه بامرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل ليطالع تركته. أخرجه البخاري بأطول من هذا، وسنأتي على تمام القصة في سورة البقرة إن شاء الله. قال تعالى «وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ» اللواطة المتناهية في الفحش والقبح والخبث التي ابتدعتموها وحدكم «ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ» ٢٨ فهم أول من سنها في الأرض، قاتلهم الله «أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ» في أدبارهم «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ» الطريق على المارين وتقتلون وتسلبون وتجرون معهم المنكر «وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ» مجسكم الذي هو محل مذاكرات أموركم المهمة فيما يتعلق ببعضكم وجيرانكم وغيرهم «الْمُنْكَرَ» اللواطة فينكح بعضكم بعضا فيه، وتتضارطون، وتصفرون، ويحذف بعضكم بعضا بالحصى، وتفرقعون أصابعكم، وتعلكون، وتتبادلون الألفاظ المنكرة البذيئة، وتتهامزون بالخبث والفحش فيها، وهي لم تتخذ إلا للاجتماعات والمداولات بالأمور النافعة كالحرب وصادرات البلاد ووارداتها وحسن الجوار مع الناس والمعاهدات وغيرها، فتوبوا إلى ربكم وارجعوا عن فيكم، واتعظوا بمن سلف منكم، كي لا يحل عليكم عذاب الله. «فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ» بمقابلة نصحه وتحذيره وإرشاده لما فيه خيرهم «إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ