قال من أنت؟ فألهمها الله بأن قالت زوجتك خلقت لتسكن إليّ وأسكن إليك وأوانسك، ولهذا قيل:
وما سمي الإنسان إلا لأنه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
وفي رواية إلا لنسيه، كما مرّ في الآية الثامنة، ولهذا قالوا إن للتسمية نسبة بالمسمى غالبا، وقلّ أن تجد اسما لا نصيب له من مسماه، ومن هذا قوله:
قد سمي القلب قلبا من تقلبه ... فاحذر على القلب من قلب وتحويل
وقيل سمي قلبا لأنه لبّ كما سمي العقل لبا، وقيل لتقلبه، كما مرّ آنفا وفي الآية ٨ المارة. وما قيل إن الجنة التي أدخلها آدم هي بستان كان في اليمن استدلالا بأن الجنة المعروفة من يدخلها لا يخرج منها، فقيل ضعيف لا يؤبه به، والصحيح انها الجنة المعهودة، لأن- أل- فيها للعهد ولا جنة معهودة غيرها ولا يراد عند الإطلاق غيرها وهي التي أعدها الله للمتقين، وما استدلوا به يقال في الداخل فيها جزاء عمله الحسن بعد أن مات وبعث وأحيي كالسيد إدريس عليه السلام، لأنه ذاق طعم الموت، راجع قصته في الآية ٥٧ من سورة مريم في ج ١، وقد ثبت أن سيدنا محمد دخلها ليلة المعراج راجع حديثه أول سورة الإسراء ج ١، أما البستان التي في اليمن فلم تكن إذ ذاك، وقيل إنه هو إرم ذات العماد المذكور بحثها في الآية ٥ من سورة الفجر ج ١، فراجعها. «وَكُلا مِنْها رَغَداً» صفة للمصدر المؤكد، أي أكلا واسعا رافها مريئا حسبما تريدان وترغبان، كما يفيده قوله «حَيْثُ شِئْتُما» من أي مكان أردتما وأي زمان، وهذا يفيد الإطلاق لكل ما فيها، ثم خصص بقوله عز قوله «وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ» عينها الله لهما بالإشارة إليها، ولم يسمها، لذلك اختلفت فيها أقوال المفسرين، فمنهم من قال إنها السنبلة، ومنهم من قال إنها التين أو الكرم، ولا طائل تحت معرفتها إذ القصد عدم قربانها امتثالا لأمر الله تعالى، ولهذا قال «فَتَكُونا» إذا تناولتما منها شيئا «مِنَ الظَّالِمِينَ»(٣٥) أنفسكما لفعلكما ما لا ينبغي فعله «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها» عن الجنّة بسبب غروره لهما وإغرائهما بالأكل منها «فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ» من النعيم.