القاتل، ويسلبون من وجدوا من أتباع السالب ويقتلون بالشريف عددا ويأخذون الدية مضاعفة، فأوجب الله تعالى رعاية العدل في هذه الآية، وأنزل في جواز العفو قوله عز قوله «فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ» فصفح عنه بتانا أو قبل الدية في العمد «فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ» بشأن الدية، بأن لا يأخذ أكثر من حقه فيها ولا يعنفه على فعله «وَأَداءٌ» على القاتل «إِلَيْهِ» لولي المقتول تمام الدية «بِإِحْسانٍ» وطيب نفس دون مماطلة أو محاولة مقابلته لإحسانه بالعفو أو بقبول الدية، لأن العمد لا دية فيه قبل العفو، وهذا من أعظم أنواع الإحسان أن يتركه يقاد للقتل حتما، ولا يجوز له بعد العفو وأخذ الدية أن يتعرض للقاتل بشيء ما لأنه عدوان بحت، ولهذا قال تعالى «ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ» التخفيف فيقتل الجاني بعد العفو عنه أو بعد أخذ الدية منه «فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ ١٧٨» في الدنيا بأن يقتل قصاصا لخيانته وغدره، وهكذا كل قاتل متعمد غادر يقتل صبرا قصاصا فلا يعفى عنه، ولا تقبل الدية منه لنقضه عهده وتصوره وتصميمه على القتل بعد أمن القاتل على نفسه بعفوه أو أخذ الدية منه، ويجب عليه أن يسلم نفسه للقتل، وإلا فيكون عذابه الأخروي أشد وأفظع من عذاب الدنيا وأدوم، قال تعالى «وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ» بقاء لأن من يقصد القتل إذا علم أنه يقتل يمتنع عنه فيكون فيه بقاؤه وبقاء من همّ بقتله، وإذا قتل القاتل قصاصا ارتدع غيره عن القتل والجارح كذلك إذا علم أنه يقتصّ منه امتنع عن الجرح، ثم امتدحهم على طريق التيقظ والتحذير بقوله «يا أُولِي الْأَلْبابِ» يا ذوي العقول السليمة الذين لا يريدون إتلاف أنفسهم ولا إتلاف غيرهم ويحرصون على محافظة أنفسهم وغيرهم، ويا أيها الموفون بعهدهم الصادقون بوعدهم حافظوا على أنفسكم بالكف عن قتل غيركم، وانتهوا عن ذلك «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٧٩» إفتاء بعضكم بعضا وتجتنبون مطلق التعدي الذي قد يقضى عليكم بمثله، وكثيرا ما تؤدي الجروح للموت، فاجتنبوها أيضا، وهذا هو الحكم الشرعي في ذلك. وقد وقع اختلاف في كيفية القصاص، وهل هو مطلق القتل أم لا، فقال أبو حنيفة يقتل القاتل بالسيف، وقال الشافعي بما قتل