ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بما شاء. وقدمنا في الآيتين من الأنعام والمؤمن آنفا ما يتعلق بهذا أيضا فليراجع. قال تعالى «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ» ملامسة النساء ومباشرتهن، وهو كناية عن الجماع، لأن الله تعالى يكني عما يستقبح ذكره إشارة أو إيماء أو تعريضا بما يفهم منه المقصود تعليما لعباده ومراعاة للأدب في كل حال، وهذا الحل خاص «إِلى نِسائِكُمْ» اللاتي استحللتم مقاربتهن بكتاب الله تعالى «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ» وذلك أن كلّا من الزوجين ستر للآخر عما لا يحل، كما جاء في الحديث: من تزوج فقد أحرز ثلثى دينه. ولهذا سمي كل منهما لباسا لصاحبه. وفي رواية: شطر دينة فليتق الله في الشطر الآخر. وروى البخاري ومسلم عن البراء قال: لما ينزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله فكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله «عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ» أي تأتون أهلكم خفية وسمي العاصي هنا خائنا مع أن الخائن هو الذي لا يؤدي الأمانة لأنه لا يؤتمن على دينه، وقد كان في بداية الإسلام إذا أفطر الرجل حل له الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلي العشاء الأخيرة أو يرقد قبلها، ثم يحرم عليه كل ذلك إلى الليلة الأخرى، فوقع أن عمر الفاروق أتى أهله بعد هذا، فاغتسل وصار يبكي خشية من الله تعالى وهو لا تبكيه السيوف والأسنّة، فلم يقدر على كتم ما وقع منه في ذلك لصلابة دينه وعظيم يقينه، إلا أن ذكر ذلك لحضرة الرسول صلّى الله عليه وسلم بحضور جماعة من الأصحاب اعترفوا بعده مثل اعترافه، وكان بعضهم لا يقرب أهله رمضان كله تحاشيا من الوقوع فيما لا يحل، قال ابن عباس فكان ذلك أي فعل عمر مما نفع الله به الناس ورخص لهم ويسر، فلما اعترفوا للرسول وتابوا تاب الله عليهم وختم الله رخصته لهم بقوله «فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ» ما وقع منكم ورفع ذلك عنكم بفضله «فَالْآنَ» أيها المؤمنون جميعكم «بَاشِرُوهُنَّ» في ليالي الصوم وغيرها، وسميت المجامعة مباشرة لتلاصق بشرة الزوج بشرة زوجته «وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ» في علمه من الولد، ولا تقتصروا في الجماع الى إخراج