فالأوليان مدة مقامه في مكة، وهي اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما، أي من يوم البعثة في ١٧ رمضان سنة ٤١ من ميلاده الشريف إلى يوم الهجرة في ١ ربيع الأول سنة ٥٤ منه، وكل ما نزل في هذه المدة يسمى مكيا، وهو ست وثمانون سورة، أولها (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، وآخرها (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) .
والأخريان مدة مقامه في المدينة، أي من مغادرته مكة، فتعتبر من ١ ربيع الأول سنة ٥٤، إلى حجة الوداع في ٩ ذي الحجة السنة العاشرة من الهجرة، الموافق لسنة ٦٣ من ميلاده الشريف إذ لم ينزل بعدها إلا آية البقرة المارة الذكر وهي تسع سنوات وتسعة أشهر وتسعة أيام، وكل ما نزل في هذه المدة يسمى مدنيا، وهو ثمان وعشرون سورة أولها البقرة وآخرها النصر، فيكون مجموع السور مائة وأربع عشرة سورة أولها اقرأ وآخرها النصر.
مطلب محل النزول وعدد السور وتقسيمها وأسمائها ويوجد هناك آيات تخلفت عن سورها بينّاها في محلها وذلك بحسب التنزيل الذي جرينا عليه، أما بحسب ما هو في المصاحف، فأولها الفاتحة وآخرها الناس، وهذا الترتيب لا محيد عنه البتة لأنه أمر توقيفي. أما ما جرينا عليه في هذا التفسير فللأسباب المبينة في خطية الكتاب ليس إلا، ومعنى السورة (المنزلة) قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب
أي منزلة قصرت عنها منازل الملوك، وقد أخذ بعض اسماء السور من مطالعها كالأنفال، والإسراء، وطه، والمؤمنين، والفرقان، والروم، وفاطر، ونون، وق، والمرسلات وغيرها، وهي تسع وسبعون سورة، والباقي بأسماء ما ذكر ضمنها كالبقرة، فإنها ذكرت بعد ٦٥ آية، وآل عمران بعد ٣٢، والنساء، وكذلك الجاثية والأحقاف والتغابن وغيرها من المائدة والأحزاب وسبأ وهكذا، وهي خمس وثلاثون سورة وكان نزوله كما ذكرنا بحسب الحوادث.