وعشرة أيام فقط التي هي مدة العدة بالنص المتقدم فإذا قضين هذه المدة فلهن أن يفعلن ما يشأن مما هو متعارف من زينة وطيب وأن يتزوجن بعدها ولا يجبرن على تنفيذ هذه الوصية للسبب الآتي «وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٤٠» فيما شرع من الأحكام لعباده وما بين لهم من شرائعه. نزلت هذه الآية في حكيم بن الحارث الطائفي لما هاجر إلى المدينة وأبواه وزوجته وأولاده فلما مات رفع أمرهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فأعطى ميراثه لأبويه وأولاده ولم يعط امرأته شيئا لأن آية الميراث لم تنزل بعد وكانوا لا يورثون الزوجة وأمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها سنة كاملة إذ كانت العادة مطردة بأن الزوج بوصي لزوجته بذلك إذا أحبت البقاء سنة أو إلى تاريخ خروجها بإرادتها من بيت زوجها، لأن قضية التمتع إلى الحول ليس واجبا عليها بصريح هذه الآية بل مندوبا ومتوقفا على وصية الميت به فإن لم يوص فلا، ومما يؤكد الندب قوله تعالى «فَإِنْ خَرَجْنَ» فلو كان واجبا لكان عليهن الإثم ولجاز منعهن من الخروج ولهذا فإنهن بالخيار من تنفيذ وصية زوجها ببقائها سنة أو خروجها بعد إكمال الأربعة أشهر وعشرة أيام إلا أن إكمال السنة أولى بحقها رعاية لحق زوجها. ومن قال إن هذه الآية منسوخة بالآية الأولى المبينة أن عدة الرفاة أربعة أشهر وعشرة أيام لأن الأمر فيها للوجوب لا وجه له لأن المقدم لا ينسخ المؤخر إجماعا، وما احتج به القائل بالنسخ على ظن أن هذه الآية التي نحن يصددها متقدمة في التلاوة متأخرة في النزول عن الآية الأولى عدد ٢٣٥ كآية (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) فإنها متأخرة في النزول عن آية (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) المتقدمة في التلاوة يحتاج إلى دليل قطعي ولا شيء من ذلك، وغاية ما قاله المفسرون انها متقدمة في المعنى، وهذا لا يضر ولا ينطبق عليه ما نحن فيه، راجع الآية ١٤٢ المارة تعلم أنها متقدمة في النزول والتلاوة والمعنى كهذه أيضا، لأن القائل لا يستند إلى دليل يؤيد قوله ولا إلى نقل صحيح، ولو فرضنا جدلا وقلنا إنها متقدمة في المعنى لا نقول بالنسخ لعدم وجود شرطه وهو التقدم نزولا وتلاوة ورتبة. ولا يقال أيضا إن هذه الآية
ناسخة للآية الأولى لأن الأولى جاءت بلفظ الأمر وهذه على الندب وهو أدنى حالا من الأمر والأدنى لا ينسخ الأعلى لأنه أضعف منه بدرجات