الثورين إلى جهة بني إسرائيل، قالوا فصار بنو إسرائيل يهللون ويكبرون ويحمدون الله تعالى ودانوا لملكهم بعد أن رأوا هذه العلامة التي أخبر عنها نبيهم، وهناك أقوال أخر بأنهم رأوه نازلا من السماء وأن الملائكة أتتهم به من أرض التيه حتى أوصلته إلى بيت طالوت فأراهم إياه، والله أعلم، لأن القصة معلومة والكيفية مجهولة.
قالوا ولبث فيهم أشمويل عليه السلام أربعين سنة يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه إلى أن مات عليه السلام بعد قتل جالوت كما سيأتي «إِنَّ فِي ذلِكَ» أي إتيان التابوت بما فيه من السكينة والبقية بواسطة الملائكة «لَآيَةً لَكُمْ» عظيمة وبرهانا ساطعا على نبوة أشمويل وملكية طالوت «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٢٤٨» بربكم ورسالة نبيكم وتصديق ملككم، فلما رأوا الدليل القاطع أذعنوا وصدقوا، ثم أمرهم بالجهاد ليسترد لهم شرفهم من العمالقة فأجابوه ولم يتخلف منهم إلا العاجز والمعذور والصغير وساروا معه إلى العمالقة. قال تعالى «فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ» لهم نبيهم أشمويل «إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» تعبرونه لأن عدوكم وراءه وقد يلحقكم العطش عنده وإن الله تعالى يمتحنكم هناك فيعلم الطائع منكم من العاصي له وسيقول لكم لا تشربوا من هذا النهر «فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي» ولست منه لمخالفة أمر الله «وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ» يذقه بتاتا «فَإِنَّهُ مِنِّي» وأنا منه لا نقياده لأمر الله «إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ» فشربها منه فلا بأس عليه لأنها رخصة له فيبقي من أهل بيتي وداخلا في طاعتي وتظهر طاعته لله وإلا فقد بارزه بالمعصية، ولما دخلوا النهر المذكور وكان قد لحقهم العطش كما أخبرهم نبيهم «فَشَرِبُوا مِنْهُ» خلافا لتوصية نبيهم وأمر ملكهم «إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ» لم يشرب قالوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا. روى البراء بن عازب قال: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتحدثون أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوزه إلا مؤمن بضعة عشر رجلا وثلاثمائة- أخرجه البخاري-. قالوا وكان من اغترف منه بكفه كفته تلك الغرفة لنفسه ودابته وقوي قلبه وصح إيمانه وعبر النهر سالما لأنها معجزة نبي، ومن شرب منه رأسا فعبّ عبّا غلبه العطش فلم يروه ما كرع منه واسودت شفتاه وجبن وبقي ملقى على الشاطئ، وقالوا إن الشرب بعد العطش