للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشار إليها في سورة الإسراء آنفا. قال تعالى «وَ» اذكر يا سيد الرسل لقومك قصة أخرى «إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ» تعالى «أَوَلَمْ تُؤْمِنْ» بذلك يا خليلي، وقد رأيت ما رأيت من عظمتي وكبريائي وبطشي وإنقاذي لك وأفعالي وصنايعي مع غيرك وآثار أعمالي في ملكوتي «قالَ بَلى» يا رب رأيت وصدقت وآمنت وعرفت كيف أهلكت أعداءك وأنجيت أولياءك وخاصّك «وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» بالمعاينة كي يصير عندي علم اليقين عين اليقين، راجع الفرق ما بينهما في الآية ٩٥ من الواقعة في ج ١، وهذا الاستفهام للتقرير ولذلك أجابه ببلى قال جرير:

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى للعالمين بطون راح

أي ألستم كذلك وتسمى هذه الهمزة همزة إثبات وإيجاب. وخلاصة هذه القصة أنه عليه السلام رأى رجلا ميتا بساحل طبريا (بحيرة ما بين فلسطين والأردن وسورية ينصب عليها نهرا الليطاني وبانياس إذ يجتمعان ببحيرة الحولة وينسابان إليها، عرضها عشرة أميال وطولها عشرون ميلا تقريبا بيضوية الشكل ويخرج منها نهر يلتقي مع نهر الأردن ونهر الشريعة الجاري بواد اليرموك ويختلطان معه فتمر هذه الأنهار تحت جسر يسمى جسر المجامع لذلك المعنى وينساب إلى بحيرة لوط المسماة بالبحر الميت حيث لا يعيش به حيوان) قد توزع لحمه ذئاب البر والبحر فإن مد البحر انتابه حيتانه، وان جزر نهشته السباع فإذا ذهبت عنه تناولته الطيور، فقال يا رب قد علمت أنك تجمعها، أي لحرم الأموات من بطون السباع وأجواف الحيتان وحواصل الطير فأرني كيف تحييها فأزداد يقينا، فعاتبه الله على ذلك، فقال يا رب ليس الخبر كالمعاينة، وهو عليه السلام لم يكن شاكا وحاشاه ولكنه أحب ذلك كحب المؤمنين رؤية ربهم في الآخرة، ونبيهم في الدنيا والآخرة، ويسألونها بدعائهم فكان عليه السلام طامعا بإجابة دعائه فسأله ذلك لأنه خليله، وقد وعده بإجابة دعائه وقيل في المعنى:

ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المشاهدة الخليل

ولما نزلت هذه الآية قال قوم شك إبراهيم ولم يشك محمد صلّى الله عليهما وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>