أو يجاهر بها أمامه على ملأ من الناس، والمنّ في اللغة الإنعام قال الأنباري:
فمنّى علينا بالسلام فإنما ... كلامك يا قوت ودرّ منظم
قال صلّى الله عليه وسلم: ما من الناس أحد أمنّ علينا في صحبته ولا ذات يده من ابن أبي قحافة.
والمنة النعمة، ومن صفاته تعالى المنّان بمعنى المتفضل على عباده المحسن إليهم، وهو هنا بمعنى النقص والعيب وفيه قال بعضهم:
طعم الآلاء أحلى من المنّ ... وهو أمر من الآلاء مع المن
وقال بعضهم: صنوان من المن من منح سائله ومنّ، ومن منع نائله وضن.
وقيل في هذا المعنى:
وإن امرأ أسدى إلي صنيعة ... وذكّرنيها مرة للئيم
والمقصودون في هذه الآية «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) » قالوا إن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه لأنه جهز غزاة المسلمين إلى تبوك الذي أطلق عليهم جيش العسرة بألف بعير بأقتابها وأحلاسها وجاء أيضا بألف دينار عداها فصبّها في حجر النبي صلّى الله عليه وسلم، قال عبد الرحمن بن سمرة: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يدخل يده فيها ويقلبها ويقول ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم. وقال بعض المفسرين نزلت في عبد الرحمن بن عوف إذ أتى حضرة الرسول بأربعة آلاف درهم وقال يا رسول الله عندي ثمانية أمسكت أربعة لنفسي وعيالي وهذه أربعة لربي، فقال له بارك الله لك فيما أمست وفيما أنفقت. وإن السيدين عثمان وعبد الرحمن لهما مآثر في النفقة والصدقة كثيرة لا ينكرها إلا معاند، كيف وهما من العشرة المبشرين في الجنة ولعثمان خاصة اليد البيضاء في شراء بئر رومة ووقفها على المسلمين ومساعدة المسلمين بماله ونفسه بمواقف جمة، والآية لا شك عامة يدخل فيها كل متصدق مخلص، وإن من يحمل على سيدنا عثمان على ما وقع منه إبان خلافته لا حق له بذلك لأنه مجرد اجتهاد وهو صاحب الأمر إذ ذاك فليس لأحد الخوض بما عزي إليه والأعمال بالنيات ولا عبرة بما يقوله الغلاة الذين يهرفون بما لا يعرفون ويتقولون بما يظنون. أخرج ابن ماجه وغيره عن علي كرم الله وجهه وأبي الدرداء وغيرهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من أرسل بنفقته في سبيل