ولكن يشترط عدم الشرط من المقرض وطيب النفس من المستقرض. والربا نوعان:
ربا فضل أي زيادة وربا نسيئة أي تأخير بالأجل، فإذا باع جنسا من الأشياء الستة بجنسه نفسه اشترط فيه التماثل والمساواة إن كان موزونا أو مكيلا، واشترط التقايض بالمجلس، وإذا باع جنسا بآخر كالدراهم بالدنانير والحنطة بالشعير جاز فيه التفاضل، واشترط أن يكون يدا بيد بالمجلس فإذا زاد في الأول وأخر في الثاني وقع الربا كما هو صريح الأحاديث المارة والآتية. قال تعالى «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا» يذهب بركة مال المرابي ويعرض صاحبه للخسران والهلاك، وإن طال به الزمان فقل أن ينتقل لأحفاده، وكثر أن يكون الحق في زمنه وأولاده «وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ» ينميها ويبارك في المتصدق منه ويضاعف الأجر لصاحبه إذا كان حلالا، قال تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) الآية ٩٢ من آل عمران الآتية، والتصدق بالحرام فضلا عن أنه لا ثواب فيه فقيل إن من يتصدق فيه طلبا للأجر يكفر لما فيه من معنى الاستحلال. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما تصدق أحد بصدقة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيده وإن كانت تمرة فتربوا في كنف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله. ثم ألمع جل شأنه إلى أن أكل الربا بعد هذا النهي لا يكون إلا من الانهماك في الإثم المؤدي إلى الكفر بقوله جل قوله «وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) » مصر على كفره مستحل لأكل الربا وغيره من المحرمات متماديا في الإثم مستمرا عليه، وتشعر هذه الآية بأن من هذا شأنه يكون كثير الكفر عظيم الإثم يكرهه الله تعالى ومن كان كذلك فالنار أولى به. قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» تقوية لإيمانهم وإشعارا بإخلاصهم «وَأَقامُوا الصَّلاةَ» المفروضة عليهم بشروطها وأركانها، وهذا هو معنى الإقامة «وَآتَوُا الزَّكاةَ» المفروضة عن طيب نفس لأهلها مع الكلام الطيب والإعطاء بالمعروف «لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ» واف كامل مضاعف «وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» مما يخافه غيرهم من الذين لم يقوموا بذلك كله «وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) » على ما فاتهم من حطام