عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء. ورويا عن كعب بن مالك أنه تعاطى ابن أبي حدود دينا كان له في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى، فقال يا كعب قلت لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشطر من دينك، فقال كعب قد فعلت يا رسول الله، قال قم فاقضه. ورويا عن أبي هريرة أنه كان لرجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم سنّ من الإبل، فجاءه يتقاضاه، فقال أعطوه، فطلبوا سنا فلم يجدوا إلا سنا فوقها فقال أعطوه، فقال أوفيتني وفاك الله، فقال صلّى الله عليه وسلم إن خيركم أحسنكم قضاء. وفي رواية أنه أغلظ لرسول الله حتى همّ به بعض أصحابه، فقال دعوه فإن لصاحب الحق مقالا. وأخرج النسائي عن محمد بن جحش قال كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع يده على جبهته، ثم قال سبحان الله ماذا نزل من التشديد، فسكنا وفزعنا، فاما كان من الغد سألته يا رسول الله ما هذا التشديد الذي نزل؟ فقال والذي نفسي بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحي وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه. ثم طفق جل جلاله يحتهم على ما هو خير لمن هو مستغن عن دينه بقوله «وَأَنْ تَصَدَّقُوا» بالفضل ورأس المال على المعسر «فهو خَيْرٌ لَكُمْ» عند الله من استيفائه من المعسر «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) » ما أعد الله تعالى في الآخرة من الخير الجزيل لمن يفعل هذا فصلا عما يناله من الثناء الجميل في الدنيا من الناس والدعاء الكثير من المتصدق عليه. واعلم أن آيات الربا هذه تثبت أن المرابين محكوم عليهم بالجنون مهما كانوا عليه من العقل لأنهم استحلوا ما حرم الله ولم يمتثلوا أمره بالكف عنه، ولأنهم آثروا البطالة على العمل واستعملوا ما أنعم الله به عليهم من المال لغير ما خلق له من طرق التجارة، وتومئ إلى أن الربا يوجب التقاطع والعداء بين الناس ويحملهم على التخاصم، ويولد القسوة في القلوب، وينزع منها الشفقة والرأفة، ويلقي بذور الحقد والحسد في نفوس الفقراء لما يروا من شدة الحرص والشح من الأغنياء، ويؤدي إلى ارتكاب الجرائم المخلة بالأمن، وقد يؤدي أيضا إلى الانتحار المنهي عنه في أصعب المواقف، وينذر بمحو