والرسول «وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ» واتركوا الشقاق وكونوا متآخين مجتمعين على كلمة الحق بينكم أنفسكم وبينكم وبين ربكم ولا تستبدوا بشيء أبدا حتى يقضى لكم فيه «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١» بهما إيمانا صحيحا كاملا في القول والفعل والنية.
مطلب في الأنفال وكون الإيمان يزيد وينقص وقصة بدر ورؤيا عاتكة وتعهد الشيطان:
واعلم أن سبب نزول هذه الآية ما روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
قتل أخي عمير يوم بدر فقتلت به سعيد بن العاص وأخذت سيفه، فأعجبني، فجئت به رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت إن الله قد شفى صدري من المشركين، فهب لي هذا السيف، فقال ليس هذا لي ولا لك، اطرحه في القبض (أي مجمع الغنائم المسماة بالأنفال جمع نفل) فطرحته وفي ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد أنزلت سورة الأنفال، فقال يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي وانه قد صار لي فاذهب فخذه- أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح- وأخرجه مسلم في حديث طويل قال: فأخذته وذهب ما كان يحوك في صدري، وعلمت أن حضرة الرسول لم يمنعه مني لأمر آخر، وإنما أراد قضاء الله في ذلك وغيره. ومن الطاعة أن لا يقول الرجل لولي أمره في شيء فعله لم فعلته، ولا في شيء لم يفعله لم لا تفعله أبدا. وليعلم بأنه أعم بما يفعل وبما لا يفعل، وما تؤول إليه العاقبة وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما كان يوم بدر قال النبي صلّى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله كذا وكذا، فأما الشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت الشيخة للشبان أشركونا معكم فإنا كنا رداءا ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا، فاختصموا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنزلت.
واخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في السنن وغيرهم عن أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل، فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول