التشبيه أبدا «وَ» اذكر يا سيد الرسل لقومك نتيجة ما هم كارهون الذهاب إليه مقدما، ليطمئنوا ويسكن فزعهم، وقل لهم «إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ» في غزوتكم هذه التي أنتم كارهون الذهاب إليها «إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ» طائفة أبي سفيان مع العير أو طائفة أبي جهل مع النفير «أَنَّها لَكُمْ» وان الله يعلمه أيهما تختارون «وَتَوَدُّونَ» أيها المؤمنون المتقاعون عن الذهاب مع رسولكم «أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ» أي طائفة أبي سفيان والعير «تَكُونُ لَكُمْ» إذ لا سلاح فيها ولا قتال، لأنكم تجنحون إلى سفساف الأمور طلبا للفائدة العاجلة «وَيُرِيدُ اللَّهُ» لكم طائفة أبي جهل والنفير لتقاتلوهم وتكسروا شوكنهم، لأن الله يختار لكم معالي الأمور من النصر وعلو الكلمة ليعلي شأنكم «أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» التي سبقت بوعد النصر إلى رسوله والظفر بأعدائه «وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ»(٧) ويهلكهم فلا يبقي لهم شأنا، ويريد أيضا «لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ» فيمحقه ويدحضه فيمحو الكفر ويظهر الإسلام ويثبته «وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) » ذلك وهو كائن لا محالة رغم أنوفهم. قال ابن عباس وغيره في سبب نزول هذه الآيات: إن أبا سفيان أقبل من الشام في أربعين راكبا من قريش ومعهم تجارة كبيرة، وقد أخبر الله بهم نبيه صلّى الله عليه وسلم، فانتدب لهم أصحابه، فخف بعضهم وثقل بعضهم لظنهم أنه لم يلق حربا بعد، ولم يعلموا أن الله تعالى علمه كل شيء، كما ظهر لهم بعد، فسمع أبو سفيان بمقدم الرسول وأصحابه، فأرسل قمقما بن غراز الغفاري ليستفز أهل مكة ويخبرهم الخبر، فرأت عاتكة بنت عبد المطلب رؤيا قصتها على أخيها العباس وهي أنها رأت راكبا وقف بالأبطح وصرخ بأعلى صوته ألا فانفروا يا غدر إلى مصارعكم في ثلاث، وان الناس اجتمعت اليه ودخلوا المسجد ثم صرخ ذلك الصارخ من أعلى الكعبة وعلى رأس أبي قبيس بما صرخ به أولا، وأرسل صخرة أرفضت بأسفل الجبل لم يبق بيت إلا دخله فلقة منها، فقال اكتمها انها لفضيلة، وذكرها للوليد بن عتبة، واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه وفشت في قريش، وكل سرّ جاوز الاثنين شاع، أي خرج من الشفتين، إذ في كتمانه بقاؤه في القلب، وقيل جاوز الرجلين وليس بشيء لأنه إذا جاوز