ينهاكم عنه فتتجنبونه وتعترفون بذنوبكم فتستغفرونه، فإنه تعالى يعينكم ويقويكم وينصركم. قال:
فإن اعتراف المرء يمحو اقترافه ... كما ان انكار الذنوب ذنوب
لأن المسلم المؤمن يلجأ إلى ربه فيأخذ بيده فلا يصر أحدكم على الذنب ولا يستصغره مهما كان، ويطلب النصرة من ربه عند الشدة، فالأحرى أن لا يرده الله ولهذا لما ترك المسلمون ما أمروا به وصاروا يستصحبون في الحروب الخمر والفتيات ويقولون عند الهجوم وطن وطن بدل أن يكبروا الله غلبوا وخسروا، لأن الوطن جزء من الإيمان وهم في حالة عارون فيها عنه، غافلون عن ربهم، فأنى يستجاب لهم؟ فالمسلمون لا ينصرهم الله إلا إذا تمسكوا بدينهم وعملوا ما أمروا به، وإذا خالفوا تركهم. قال صلّى الله عليه وسلم لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن فدعوى الإيمان وحب الوطن دعوى كاذبة، لذلك يكذبهم الله ولا يوفقهم ويسلط عليهم عدوهم، لأن الله تعالى قالَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)
الآية ٤٧ من سورة الروم في ج ٢ وقوله الحق ووعده الصدق، ولكن هات المؤمنين وانظر إلى نصر الله المبين، لأن المؤمنين لا يقيمون على المعاصي ولا يحاربون الله بما ينعم عليهم، فادعاؤهم الإيمان عبارة عن اسم، ولا يكون المؤمن مؤمنا إلا إذا قام بأركان الإسلام الخمسة عن يقين واعتقاد وعمل. فإذا فقد واحدا من هذه الثلاثة لا يكون مؤمنا، وكيف إذا تركوا الجميع؟ فالله سبحانه يتركهم، لأنهم هم محتاجون إليه وهو الغني عنهم. قال تعالى «وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا» وتخسروا لأن الفشل جبن مع ضعف «وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» قوتكم وجرأتكم ودولتكم «وَاصْبِرُوا» على الشدائد في الحرب والمحنة فيه ولا تنهزموا «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» بعونه ونصره. روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقى فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس قام فيهم فقال: أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا (راجع الآية ١٥٣ من سورة البقرة المارة) واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم.