قال له إن معي خمسمائة من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معك، فستظهر بهم على العدو، بعيد أيضا، لأن حادثة الأحزاب لم تقع قبل، أو عند نزول هذه هذه الآية وانطباقها عليها لا يعني أنها نزلت فيها، وكثير من الآيات مما نزل في مكة ينطبق على حوادث وقعت في المدينة وبالعكس، فلا يقال إنها سبب للنزول.
وعلى هذين الشرطين جاز التزوج بالكتابيات واتخاذهن والرجال منهم خدما، أما من قال بعدم جوازهم عمالا واستخدامهم بالدواوين الحكومية فهو مقيد بنفي هذين الشرطين أيضا، أما إذا كانوا متلبسين بالشرطين المذكورين وهما الحاجة والوثوق فلا بأس، تدبر. وكونهم من أهل الذمة الذين تنبغي مجاملتهم واحترامهم ومخالطتهم بالحسنى يؤيد ما نحن فيه، لأن هذا من البر الذي أمرنا الله تعالى به في الآية ٨ من سورة الممتحنة الآتية فراجعها. وقالوا أنزلت هذه الآية في حاطب ابن بلتعة، أو في عبد الله بن أبي بن سلول، وأضرابه من المنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهي عامة في كل من هذا شأنه وفي من يظهر هو عورات المسلمين لأعدائهم خاصة، وما ذكرناه أعلاه الحكم الشرعي في هذه الآية، ومنه يؤخذ عدم جواز ولاية الكافر على المسلم، بأن يكون فيما أو ووصيا عليه، ولا يعقل المسلم جناية الكافر ولا الذمي لما فيه من الولاية له والنصر وان الاتقاء المرخص به في هذه الآية بشترط فيه تحقق تلف النفس أو بعض الأعضاء، أو ضرر كبير يحل فيه، والأحسن أن يأخذ بالعزيمة إذا كان فيه دفع ضرر عام عن المسلمين، أو فيه إعزاز دين المسلمين فيما يتعلق بالحروب وغيرها. وتومىء هذه الآية إلى جواز عقد المعاهدات والاتفاقات معهم إذا ضمن فيها مصلحة المسلمين، لأن النهي لا يمنع من هذا. قال تعالى يا سيد الرسل «قُلْ» لهؤلاء الذين يوالون الكفرة خلسة «إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ» من مودتهم ومحبتهم «أَوْ تُبْدُوهُ» غير مبالين به ولا بإخوانكم المؤمنين «يَعْلَمْهُ اللَّهُ» ويعاقبكم عليه وكيف يخفى عليه حالكم هذا وهو يطلع «وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(٢٩) لا يعجزه من وما فيهما، واحذروا أيها الناس «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً» مثل ما عملت لم