إلا ظاهرا، وإنهم يبطنون لكم الشر، وإياكم والميل إليهم، وعليكم أن تتناصحوا بينكم وتتصادقوا، فالمؤمن أخو المؤمن لا يكذبه ولا يحقره ولا يسلمه في كل حال مهما استطاع. وأعرضوا بكلكم عن خلط أهل الكتاب وخاصة اليهود فإنهم أهل بهت يريدون أن يوقعوا الشك في دينكم، وليس بنافعهم ذلك، ولم يزدهم إلا فضيحة وضلالا، ويزيد المؤمنين تصديقا ويقينا، فلا تقبلوا نصيحة ما إلا من أهل دينكم، وإن هؤلاء الأحبار وغيرهم يقصدون إضلالكم لتكونوا مثلهم، فالحذر كل الحذر منهم. ثم التفت إلى رسوله فقال «قُلْ» يا سيد الرسل إلى قومك وغيرهم «إِنَّ الْهُدى» الذي جئتكم به وأدعوكم إليه أيها الناس هو «هُدَى اللَّهِ» فتمسكوا به فهو الذي يقيكم من مكايدهم وان كل ما يأتون به من خدع وتلبيس لا يؤثر فيكم أيها المؤمنون ما دمتم متمسكين بهدى الله، لأن المؤمن المخلص لا يصده صادّ عن دينه، ولا تصدقوا أبدا «أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ» من الكتاب والهدى والدين، واعلموا أنه لا نبي بعد نبيكم، ولا شريعة بعد شريعتكم إلى يوم القيامة، ولا تصدقوا أقوال اليهود بأنهم يخاصمونكم «أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ» بأن دينهم هو الواجب التقيد به، كلا فإن دينكم خير الأديان وقد جعله الله ناسخا لما تقدمه مما يخالفه، فلا يقدرون على محاجتكم في هذا لأنكم أحق منهم وأهدى. وقد جاءت جملة إن الهدى اعتراضية لتأكيد أحقية دين الإسلام وتعجيل المسرة بالنتيجة. ويا سيد الرسل «قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ» من عباده إنعاما منه «وَاللَّهُ واسِعٌ» على من يريد أن يوسع عليه، لأن خزانته لا تنفد، وعطاءه غير محدود، وهو «عَلِيمٌ»(٧٣) بمن يؤهله لعطائه ويفضله على غيره ويوسع عليه برحمته. وهذا الذي جرينا عليه في تفسير هذه الآية على رأي بعض المفسرين أولى من غيره وأحسن بالمقام. وقال أكثر المفسرين إن الخطاب في هذه الآية لليهود من تتمة ما حكاه الله عنهم، وعليه يكون المعنى لا تصدقوا أيها اليهود إلا لمن يتبع دينكم من ملتكم، لأن أحدا لم يؤت مثل ما أوتيتم من التوراة التي فيها العلم والحكمة والآيات التي أظهرها الله على يد رسولكم موسى، ولا تصدقوا أن الإسلام يخاصمونكم عند الله كما يقوله محمد، لأن دينكم