المنسوب إلى الرب، وزيادة الألف والنون دلالة على كمال هذه الصفة، ومبالغة لاسم الفاعل الذي هو ربان «وَلا يَأْمُرَكُمْ» أيها البشر «أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً» وهذا تنديد في بني مليح ومن تبعهم والصابئين القائلين إن الملائكة بنات الله، واليهود والنصارى القائلين إن عزيرا والمسيح ابنا الله «أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ» أيها الناس «بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»(٨٠) وهذا استفهام على طريق التعجب والإنكار وفيها من
إلقاء الروعة والمهابة ما فيها لمن كان له قلب أو ألقى السمع. وفي يأمركم ثلاث لغات: إسكان الراء لعدم توالي الحركات، والنصب بالعطف على يقول، والرفع على الاستئناف المؤيدة بقراءة ولن يأمركم بدل من ولا يأمركم الأولى وهو ما مشيت عليه، لأنه الأظهر لخلوها عن تكلف جعل الأمر بمعنى النهي عند جعل لا غير زائدة عند من يرى ذلك، لأني أرى أن لا زائد في القرآن وأن من يقول نجاء بالحرف الزائد لتحسين الكلام وتقويته وتأكيده يقال له إذا ليس بزائد لأنه أدى معنى لم يكن عند عدمه، وكل ما يجاء به لمعنى فهو غير زائد، ولأن القراءة بالنصب تستدعي صلة لا وجعلها للتأكيد فقط أو جعلها غير زائدة بجعل عدم الأمر في معنى النهي، فيكون معنى أيأمركم ينهاكم، وتستدعي القراءة التقديم على جملة (وَلكِنْ كُونُوا) إلخ تدبر. يفهم من هذه الآيات أن الأمانة وما يضاهيها لا يثاب عليها المرء إلا إذا راعى فيها خوف الله، وإن أداءها حال طلبها من الخصال الحميدة، وإن جميع الشرائع تحت على أدائها بالمعروف على الوفاء بالعهد والوعد، وإن الخيانة والنكث من الكبائر التي نهى الله ورسوله عنها، وإنما كان أداؤها محمودا لما فيه من الوثوق بالناس ومحافظة حقوقهم، وبضدها عدم الثقة وضياع الحقوق. وترمي هذه الآيات لعدم الوثوق بأهل الكتاب فيما ينقلونه من أمر الدين، وان اتخاذ الأيمان الكاذبة وسائل لبيع السلع وأخذ مال الغير حرام قطعا. وتشير أيضا إلى حرمة ما يتفكه به من معارضة الكوثر أعطيناك كلام الله كقولهم بدل إنا أعطيناك كذا، أو إنك أقصر من سورة الكوثر، أو أفرغ من فؤاد أم موسى، وقولهم والسماء والطارق أي لا يملك شيئا من حطام الدنيا على قبيل ضرب المثل، لأن كلام الله لا يجوز أن يدخله الهزل والسخرية