للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآيات الدالة على صدقها «فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ٥» مضطرب مختلط فكل تكذيب منهم يكون أفظع من الذي قبله، فتارة يكذبون نفس الرسول وأخرى يتهمونه بالسحر والكهانة والجنة والشعر، وطورا يقولون أن ما جاءنا به من أساطير الأولين وخرافاتهم وانه يتعلمه من أهل الكتاب وأنه يتقوله من تلقاء نفسه ومرة يدّعون ألوهية الملائكة والنجوم والأصنام والأوثان فتراهم لا يثبتون على شيء وتقلبهم هذا دليل على كذبهم، قال تعالى موبخا فعلهم ومذكرا لهم بصنعه ببعض حلقه «أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها» بلا عمد يرونها أو بلا عمد أصلا، راجع تفسير الآية ٢ من سورة الرعد في ج ٣ والآية ١٠ من سورة لقمان في ج ٢ «وَزَيَّنَّاها» بأنواع الكواكب والشمس والقمر «وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ ٦» شقوق أو صدوع، فاعجبوا من هذا فإنه أعظم من الإعادة بعد الموت، راجع الآية ٥٧ من سورة غافر «وَالْأَرْضَ مَدَدْناها» على الخلاء لا شيء يمسكها ولا يقلها بشيء «وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ» جبالا عظاما لئلا تتحرك بكم فتزعجكم وهذا دليل على كونها قائمة بالهواء وإلا لما قال ذلك «وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ» صنف ونوع من مأكول وغيره «بَهِيجٍ ٧» نظارة وحسنا ولطافة فكل من يراه يبتهج ويسر، أي اغفلوا عن هذا الذي جعلناه «تَبْصِرَةً» للعاقل يتفكر به «وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ٨» إلى ربه تبصر في بدايع صنعه «وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً» فيه حياة كل شيء «فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ» بساتين يستدلون بها على جنات الآخرة «وَحَبَّ الْحَصِيدِ ٩» البر والشعير

والذرة والسمسم والدّخن والعدس والرز وكل ما يقطف ويحصد من مأكول الإنسان والحيوان فهل يجهل أحد صنعنا لهذا «وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ» مرتفعات في السماء طوالا مستويات «لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ ١٠» ثمر متراكب بعضه فوق بعض وهو في أكمامه فإذا خرج من الكم بأن انشق عنه فيكون منضودا ولهذا قال تعالى في حق الموز (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) الآية ٢٩ من الواقعة الآتية لأنه يطلع بعضه فوق بعض ولم يخلق في الكم أولا ثم يخرج منه، ولهذا فان ثمر النخيل قبل أن ينشق

<<  <  ج: ص:  >  >>