من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان
روى أبو صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم آخى بين أنصاري وثقفي فخرج الثقفي في غزوة واستخلف أخاه الأنصاري على أهله فدخل عليها وقبل يدها ثم ندم ووضع التراب على رأسه وهام في البرية لأنه رأى في عمله هذا وقاحة مذمومة وانسلاخا من الإنسانية ومنشؤهما لجاج النفس في تعاطي القبح، وهي مغايرة للحياء الذي هو انقباض النفس عن القبائح وهو من خصائص الإنسانية ومغاير للخجل الذي هو صون النفس لفرط الحياء ويحمد في النساء والصبيان، فلما جاء الثقفي سأل امرأته عنه فقالت لا أكثر الله مثله وذكرت له ما وقع منه فذهب في طلبه وجاء به إلى أبي بكر فذكر له قصّته وقال هلكت فقال أبو بكر ويحك أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم، ثم جاء عمر فقال مثل ذلك، فأتيا النبي صلّى الله عليه وسلم فقال مثل ذلك وأنزل الله هذه الآية. وقال ابن مسعود: قال المؤمنون لرسول الله صلّى الله عليه وسلم كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منا كان أحدهم إذا أذنب ذنبا أصبحت كفارته مكتوبة على عتبة بابه اجدع أنفك أو أذنك أو افعل كذا، فسكت صلّى الله عليه وسلم، فنزلت. وقال عطاء في رواية ابن عباس بأنها نزلت في تيها التمار جاءت إليه امرأة تشتري منه تمرا فضمّها وقبلها وندم. والأول أولى. أخرج أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل همّ فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب. وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم. وروى أبو يعلى في مسنده وابن السني أبو بكر بن محمد بن أحمد: من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فرّ من الزحف. تشير الجملة الأخيرة من هذا الحديث للبشارة بإدخال الكبائر أيضا وما ذلك على الله بعزيز. وأخرج الترمذي عن أنس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء (أي ما عاينته منها)