بشيء إذ ليس كل ما يخبر به جبريل حضرة الرسول يكون قرآنا، أما قوله فكنا نقرأ فهو عبارة عن تكرار ما قاله جبريل عليه السلام لحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام بشأنهم، وقراءته حكايته، إذ لو كان قرآنا لدون في
الصحف كغيره فيما كان يكتب عليه التي كانت في بيت عائشة ثم حفصة التي نقلها القراء في زمن عثمان إلى المصاحف، وحفظت كغيرها من قبل الكتبة، لذلك فلا معنى لقوله ثم نسخ، يدل عليه عدم بيان ما نسخ به، إذ لكل منسوخ ناسخ بما يدل على أن ذلك ليس من القرآن، ومن هنا شرع القنوت عند نزول كل حادثة بالمسلمين في الصلوات. وفي رواية لمسلم: جاء أناس إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فسألوه أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار وذكر نحو ما تقدم، وذلك في شهر صفر السنة الرابعة من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد، وهذا الخبر على فرض صحته كما جاء ليس نصا في سبب النزول، إذ قيل إن الذي نزل فيهم هو قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الآية المارة، وكذلك لا يكاد يصح لأن السبب في نزولها قد ذكرناه في الآية ١٢٧ المارة، وقد بينا غير مرّة أن لا مانع من تعدد الأسباب، وأن آية واحدة قد تكون لعدة حوادث، والله أعلم. قال تعالى «الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا» وسارعوا بالإجابة «مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ»(١٧٢) عند الله لانقيادهم لأمر رسولهم. نزلت هذه الآية في غزوة حمراء الأسد بعد الانصراف من غزوة أحد، روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها في هذه الآية قالت لعروة يا ابن أختي كان أبوك منهم والزبير وأبو بكر لما أصاب نبي الله ما أصاب يوم أحد وانصرف المشركون خاف أن يرجعوا فقال من يذهب في أثرهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلا كان فيهم أبو بكر والزبير، قال فمر برسول الله صلّى الله عليه وسلم معبد الخزاعي بحمراء الأسد وكانت خزاعة مسلمهم وكافرهم عيبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها، ومعبد يومئذ مشرك، فقال يا محمد والله لقد عزّ علينا ما أصابك، ولوددنا أن الله أعفاك فيهم، ثم خرج معبد من عند رسول الله حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا