للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة دلالة على أن الإيمان يزيد وينقص كما بيناه في الآية الثانية من سورة الأنفال المارة «وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» (١٧٣) قال عكرمة نزلت هذه الآية في بدر الصغرى، لأن أبا سفيان يوم أحد حين أراد أن ينصرف قال يا محمد موعد ما بيننا وبينك موسم بدر الصغرى نقابل إن شئت، فقال صلّى الله عليه وسلم بيننا وبينك ذلك إن شاء الله، فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل بمجنة من ناحية مرّ الظهران، فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له الرجوع، وفي خلف وعده هذا قال عبد الله بن رواحة:

وعدنا أبا سفيان وعدا فلم نجد ... لميعاده صدقا وما كان وافيا

فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا ... لأبت ذميما وافتقدت المواليا

تركنا به أوصال عتبة وابنه ... وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا

عصيتم رسول الله أف لدينكم ... وأمركم الشيء الذي كان غاويا

وأني وإن عنفتموني لقائل ... فدّى لرسول الله أهلي وماليا

أطعناه لم نعدله فينا بغيره ... شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا

فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمرا، فقال له أبو سفيان يا نعيم إني وأعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي يوم بدر الصغرى، وهذا عام جدب، ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب اللبن وبدا لي أن لا أخرج إليها وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج أنا، فيزيدهم ذلك جرأة، ولأن يكون الخلف من قبلهم أحب إلي من أن يكون من قبلي، فالحق بالمدينة فثبطهم وأعلمهم أنا في جمع كثير لا طاقة لهم بنا، ولك عندي عشرة من الإبل أضعها لك على يد سهل ابن عمرو وهو يضمنها لك وبعد أن استدعاه وتعهد له بذلك أتى المدينة فوجد الناس متجهزين لميعاد أبي سفيان، فقال لهم لو عدلتم عن خروجكم لكان خيرا لكم، إني والله قد رأيتهم وما أعدوه لكم، والله لإن أتوكم في دياركم وقراركم لم يفلت منكم إلّا الشريد، أفتريدون أن تخرجوا إليهم وقد جمعوا لكم ما ليس لكم بطاقة لمقابلته، وو الله إن أخذوا بكم لا يفلت منكم أحد. فكره أصحاب الرسول الخروج، فقال صلّى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأخرجنّ لهم ولو وحدي، فرجع الجبان وتأهب

<<  <  ج: ص:  >  >>