هذا، وما وقع منه صلّى الله عليه وسلم من هذا ومن قوله في غير هذا الموضع:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
لا يسمى شعرا وإن كان على وزنه لأنه غير مقصود وهو من قسم الرجز الذي لا يسمى شعرا كما ألمعنا إليه في الآية ٦٩ من سورة يس والآية ٢٢٧ من سورة الشعراء ج ١، وكذلك لا يسمى ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى (وجفان كالخوابي وقدور راسيات) وقوله (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) وقوله (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقوله (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا) وغيره مما هو بيت كامل أو شطر بيت كقوله (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) وقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ)
وقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ) وقوله (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) وغير ذلك فلا يسمى شعرا للأسباب المبينة أعلاه وبما فيها، وإن زعموا ما زعموا.
هذا ما فعله الله بالأحزاب وأقرّ به عين رسوله والأصحاب، وأخزى أعداءه، وانظر فعله بالذين والوهم في قوله تعالى «وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ» وهم بنو قريظة الخائنون الناكثون العهد في حالة العسرة «مِنْ صَياصِيهِمْ» حصونهم ومعاقلهم «وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ» إذ تركهم حلفاؤهم وذهبوا، ثم بين الله لرسوله كيف يفعل بهم بقوله «فَرِيقاً تَقْتُلُونَ» أي الرجال منهم «وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً»(٢٦) النساء والذراري، ثم أباح لهم جميع ما يملكون بقوله تعالى «وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها» وهي أراضي خيبر «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً»(٢٧) لا يعجزه الأحزاب ولا غيرهم. وخلاصة هذه القصة على ما ذكره الأخباريون أنه لما كان الظهر من صبيحة هزيمة الأحزاب في ذي القعدة سنة خمس، نادى منادي رسول الله أن لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الخندق ووضع سلاحه واغتسل أتاه جبريل عليه السلام فقال قد وضعت السلاح، والله ما وضعته، أخرج