يطيق أحد أن يزيله عنه حتى يتقطع الأديم فلا يبقى إلا موضع قدمه، وكان يكابد حضرة الرسول مفتخرا بقوته هذه، وسياق الآية الأولى يدل على نزولها فيه لوجود لفظ كبد لأن الرسول يكابد من هذا الخبيث زيادة على ما كان من أذى قومه وكان ينتهك حرمته وحرمة البيت ويزداد فى تعنته عليه، والتهديد في الآية موجه إليه خاصة والى من يفعل فعله عامة، ولأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، وهذا الخبيث من جملة من تولى كيد عداوة الرسول كالوليد بن المغيرة وعمرو بن عبد ود وأبي جهل والحارث بن عامر وأمية بن خلف والأخنس وكان ذلك الملعون المتعاظم بقوته على أضرابه المتفاخر على حضرة الرسول صلّى الله عليه وسلم «يقول» غير مبال بما بترتب على قوله من طعنه بحضرة الرسول «أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً ٦» كثيرا متراكبا على بعضه في عداوة محمد، ويتباهى على المؤمنين بذلك، ولم يقل أنفقت قاتله الله لعدم الاكتراث به ولأنه لم يرج نفعه بل قال أهلكت وأذهبت وأضعت مالا جسيما في عداوة محمد صلّى الله عليه وسلم وكان يغري به السفهاء والعبيد ليتطاولوا على حضرة الرسول ويتجاوزوا عليه «أَيَحْسَبُ» هذا الملعون «أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ٧» حينما كان يهدر ماله في سبيل إيذاء الرسول، ألم يعلم أن الله يراه ويقدر على الانتقام منه في الدنيا، وأنه سيسأله عنه في الآخرة مم اكتسبه وفيم أنفقه، ثم شرع يعدد نعمه عليه التي يجب أن يشكرها ويؤمن بمن أنعم بها عليه ويحترم رسوله من أجلها لا أن يكفر ويجحد ويتعدى فقال «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨» يبصر بهما «وَلِساناً» يتكلم به «وَشَفَتَيْنِ ٩» يشد بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغيره فضلا عن أنهما زينة له «وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ١٠» طريقي الخير والشر، والحق والباطل، والهدى والضلال، بما منحناه من العقل الذي يميز به بين ذلك ويمتاز به على غيره، وقال ابن عباس هما الثديان لاهتداء الإنسان والحيوان لتناولهما دون تعليم حال خروجه من بطن أمه، والأول أولى وهما داخلان في المعنى لأنهما من الخير الذي وهبه الله له في بداية خلقه، والنجد المكان المرتفع ولذلك سميت نجد نجدا، قال امرؤ القيس: