للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءة، وإلا لما قال لعلي أرنيه، راجع الآية ٤٨ من سورة العنكبوت في ج ٢ وإنما وافق صلّى الله عليه وسلم على هذه المعاهدة مع ما فيها من الحيف وعدم رضاء أصحابه بها وفاء بقوله لا تدعوني قريش إلى خطة فيها صلة رحم وشيء من حرمات الله إلا أجبتهم إليها. ومن الشروط أن يرجعوا دون زيارة، وانهم إذا أتوا من العام القابل لا يدخلون البيت إلا بجلباب السلاح والقوس. هذا ولم يكد يستلم كل فريق نسخة من هذه المعاهدة التي أغاظت أصحاب محمد لأنها أمليت بإرادة سفير قريش الذي أصر على عدم دخولهم البيت لئلا يقال ان محمدا ضغط عليهم، وإذا أبو جندل بن السفير نفسه جاء يرسف بحديدة، لأن أباه حبسه بسبب إسلامه، ولما سمع بمقدم رسول الله وأصحابه صار هو ورفقاؤه وضعفاء المسلمين يتدبرون الحيل للهرب من مكة والالتحاق بنبيهم، فقال سهل هذا أول واحد ترّده، فقال أبو جندل يعذبوني يا رسول الله، فطلبه منه فلم يفعل، فقال صلّى الله عليه وسلم له احتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا، لأنا عقدنا الصلح ولا نغدر، فازداد غضب المسلمين حتى قال عمر والله ما شككت مذ أسلمت إلا يومئذ. ورسول الله يثبطهم ويعدهم بحسن العاقبة وهم يتمزقون غيظا مما لحقهم من الحيف في هذه المعاهدة، ويقولون نحن على الحق فلم نرض الدنية؟ فقال أبو بكر إن محمدا لن يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسكوا بغرزه فإنه على الحق. وبعد أن تكفل حويطب بن عبد

العزّى بأبي جندل وأجاره من أبيه وتعهد بأن لا يوقع به أذى، قال يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين وجئت مسلما؟ فتأثر المسلمون من ذلك، وقالوا يا رسول الله كيف ترد من جاءنا ولا يردون من جاءهم؟ قال نعم من ذهب منا إليهم فقد أبعده الله ومن جاء منهم فسيجعل الله له بعد عسر يسرا. وأمرهم بنحر الهدي والرجوع إلى المدينة. وقد ذكر الله هذه الحادثة في سورة الفتح عند قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) الآية ١٠ الآتية وسترى نتيجة هذه المعاهدة وما ينتج عنها وأول خير وقع بسببها كما سيأتي بيانه في الآية ٧٥ من سورة النساء الآتية، ونزلت هذه السورة بعد رجوعهم كما نبيّنه إن شاء الله تعالى في الآيتين المذكورتين آنفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>