فقط، على أنه إذا كان ممن تجب عليه نفقته وكان غير كسوب فله أن يطلب فرض نفقة له في مال اليتيم الغني الذي هو تحت وصايته على أن يرجع اليتيم عليه بما أخذه أو النفقة عند يساره، وإذا لم يوسر فلا قضاء عليه، على أن تكون النفقة نفقة، فإذا تجاوزها فهو آثم وعليه قضاء المتجاوز فقط «فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» بعد ما تحققتم صلاحهم على الوجه المار ذكره «فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ» وهذا الأمر على طريقة الندب لإزالة التهمة، وإلا فحكم الولي حكم الأمين يصدق بقوله على براءة ذمته، وجاز إقامة البينة تحاشيا عن الحلف. ومما يدل على أن الأمر هنا للندب قوله تعالى «وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً»(٦) على ما ادعى به من الإنفاق على اليتيم من ماله حال صغره وعلى ما ربح به وعلى ما أكل من ربحه إذا كان اشتغل به أو من نفس المال إذا كان عاجزا فقيرا ممن تلزمه نفقته، وطنه بقدر الحاجة مثل نفقة الفقراء، ويكتفي بيمينه بان أكله لم يكن لطمع فيه وإنه لم يبذر ولم يسرف في جميع ذلك وإنه قد حافظ عليه بقدر الاستطاعة، وعلى هذا العمل الآن وإلى آخر الدوران إن شاء الله إذا قيض لهذه الأمة من يحكم بشرعه هذا، ولو لم يصدق الولي أو الوصي بقوله فقط لما قبل أحد أن يكون وصيا على يتيم أو قيما على سفيه أو غائب أو مجنون أو شبهه، قال تعالى «لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ» مقدر في علم الفرائض وأما أصوله فستأتي بعد «وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ» أيضا مبين أصله في الكتاب، وفرعه في السنة واجتهاد الفقهاء المجمع عليه «مِمَّا قَلَّ مِنْهُ» من المال المتروك «أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً»(٧) لكل منهم كما سيأتي بعد. قالوا كان توفي أوس بن ثابت الأنصاري فترك زوجته أم كهّة وثلاث بنات، فأخذ أبناء عمه سويد وعرفجه ماله ولم يعطياها ولا بناتها شيئا لأنهم كانوا لا يورثون النساء، وهذه أيضا باقية من بقايا الجاهلية حتى الآن لدى عرب الأرياف والبوادي وبعض الأعاجم على اختلاف مللهم ونحلهم، فشكت أمرها إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فاستدعاهما فقالا إن ولدها لا يركبن فرسا ولا يحملن كلّا ولا
ينكبن عدوا، وإن العادة المتعارفة عندنا عدم توريث مثلهم وانحصار الإرث فيمن يقاتل ويجوز الغنيمة