للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كانُوا»

الإخوة لأم «أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ» ثلاثة فما فوق «فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ» ذكورهم وإناثهم على السواء لأن الشركة تقتضي التسوية وما يفضل يعطى للعصبة المبين تفصيلهم ومقدار إرثهم في علم الفرائض، وهذا أيضا يعطى لهم «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها» من قبل الميت ذكرا كان أو أنثى «أَوْ دَيْنٍ» وقد كررت هذه الجملة أربع مرات بحسب اختلاف الموصيين، ولهذا لا يعد تكرارا إذ لا بدّ منها لئلا يتوهم عدم القيام بالوصية أو الدين في بعض الأحوال فيظن أن حكمها غير جار في الآية المتروكة منها، مع أن إيفاء الوصية وأداء الدين مقدم على الإرث في كل الأحوال، ويجب على الموصي أن يكون بوصية «غَيْرَ مُضَارٍّ» بورثته بان يوصي بأكثر من الثلث أو يخصص وارثا بغير ما يخص به الآخر زيادة على فرضه أو يحرم وارثا، وذلك بأن يقسم تركته حال مرضه عليهم، لأن هذا كله من الإضرار المنهي عنه شرعا الموجبة للعقوق وحنق بعض الورثة على بعض، لأن الأمر بهذا التقسيم وعدم الإضرار كله صادر «وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ» لعباده ليتقيدوا فيها ويعملوا بأحكامها وليحافظوها «وَاللَّهُ عَلِيمٌ» بنياتكم فيحذركم من أن تتضارّوا وخاصة في آخر رمق من حياتكم لأنكم أحوج ما تكونون إلى الوفاق فيه بأن تتركوا ورثتكم منآلفين وأنتم بوقت ترجون فيه الدعاء والرضاء ورجاء فضل الله فتعملوا ما يغضبه وتقعوا بالإثم الذي أوله مخالفة الله وآخره الخلاف بين ورثتكم بما يعود عليكم بالسبّ والشتم، ونتيجته عذاب الله في الآخرة والله «حَلِيمٌ» (١٢) لا يعجل عقابه وإلا لأنزل البلاء حالا بمن يخالف وصاياه.

تشير هذه الآية إلى استدراك ما هفا به المريض قبل موته ليرجع عما فعله من الحيف بذلك لئلا يستحق وعيد الله، ولعله ينال وعده، ولذلك يسن لمن يعود المريض وقد علم بما وقع منه من المخالفة في الوصية أو غيرها أن يرشده إلى ما به رضاء الله ورضاء خلقه، ويحذّره عاقبة الأمر، راجع ما بيناه في الآية ١٨٢ من البقرة «تِلْكَ» الأحكام المذكورة في الإرث والوصايا واليتامى هي «حُدُودُ اللَّهِ» التي يجب عليكم الوقوف عندها فلا تعتدوها أيها الناس، وأطيعوا الله فيما يأمركم وينهاكم وأبقوا ورثتكم متآخين، وارجوا دعاءهم لكم بالخير، «وَمَنْ يُطِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>