قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً» بأن تتزوجوهن من غير رغبة بهن أو بغير رغبتهن بكم بداعي أنكم قد ورثتموهن وهن ليس بميراث «وَلا تَعْضُلُوهُنَّ» تمنعوهن من الزواج لمن يرغبن بهم ويرغب فيهن «لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» ظاهرة «وَعاشِرُوهُنَّ» إذا تزوجتموهن برضائهن وكن ممن يحل لكم الزواج بهن «بِالْمَعْرُوفِ» كما يطلب منهن ذلك أيضا فضلا عن الطاعة والإخبات «فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ» وآثرتم فراقهن على البقاء في عصمتكم وكرهتموهن قبل أن تبنوا بهن فالأجدر بكم أن تبقوهن عندكم «فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً» في حال من الأحوال «وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً»(١٩) بأن يبدل تلك الكراهية محبة أو اتركوهن فقد يكون في تركهن الخير لكم، ولكن سياق الآية يرمي إلى الحث على عدم الفراق حال الكراهة كما ذكرناه، قال صلّى الله عليه وسلم أبغض الحلال إلى الله الطلاق. إذ قد يرزق الله منها ولدا صالحا فيكون فيه الخير وإذا أمسكها على سوء خلقها فيكون له الثواب الجزيل عند الله في الآخرة ويستحق الثناء من الناس في الدنيا. كان أهل المدينة أوائل الإسلام على عاداتهم الجاهلية إذا مات الرجل منهم ورث زوجته قريبه، فإن شاء تزوجها بغير صداق على صداقها الأول الذي أخذته من قريبه المتوفى، وإن شاء منعها من الزواج حتى تفدي نفسها بإعادة الصداق الذي أخذته قبلا أو تموت فيرثها، وهذه العادة الجاهلية لها بقية الآن في أعراب البادية وبعض القرى، وإن كانت القرابة عصبية كبنت العم فلها بقية أيضا في عرب الأرياف، فأنزل الله هذه الآية مبينا فيها عدم حل إرث النساء وعدم جواز منعهن من الزواج إذ لم يكنّ مالا حتى يصرن ميراثا، ولأن ما قبضته من المهر الأول لا حق لاحد به. أما جواز حبسها في حالة الزنى من قبل