قال: نهى رسول الله عن متعة النساء، يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية الإنسية. هذا وقد قال من يرى نسخ القرآن بالسنة قال إن هذه الآية منسوخة في هذين الحديثين الصحيحين، ومن قال أن السنة لا تنسخ القرآن وهو الصحيح قال إنها منسوخة بقوله تعالى (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الآية ٧ من سورة المؤمنين ج ٢، وقد يوجّه هذا القول لو كانت هذه الآية متقدمة في النزول على آية المؤمنين لأن المؤخر ينسخ المقدم أي يرفع حكمه لا تلاوته، ولكنها مقدمة عليها والمقدم لا ينسخ المؤخر قولا واحدا، وكذلك نظيرتها آية المعارج ٣١ في ج ٢ مقدمة على هذه الآية بالنزول وهما مكيتان وهذه مدنية والمكي لا أحكام فيه ما عدا التوحيد والبعث والرسالة، وقد ذكرنا غير مرة أن السنة لا تنسخ القرآن راجع الآية ١٠٧ من البقرة المارة، ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنه يرخص بالمتعة ويقول إن الآية محكمة ولم يزل يفتي بها إلى زمن ابن الزبير ولم يثبت أنه انتهى عن الإفتاء بجوازها حينما نهاه علي كرم الله وجهه وقال له إنك رجل تائه، أخرج ابن الزبير عن عروة أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قامه بمكة حين خلف عليها بعد وفاة علي كرم الله وجهه والحسين رضي الله عنه، فقال: إن أناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل يعني ابن عباس كما قال النووي، فناداه فقال إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال ابن الزبير فجرّب نفسك فو الله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك. وقال بعضهم إن ابن عباس إنما أباح المتعة، حالة الاضطرار وخوف العنت في الأسفار، فقد روي عن ابن جبير قال قلت لابن عباس لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء قال وما قالوا؟
قلت قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه ... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال سبحان الله ما بهذا أفتيت، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ولا تحل إلّا لمضطر، ولولا هذه الأحاديث والأخبار لأمكن تفسير الآية بغير معنى المتعة