عن القضاء بالحق الذي أمرك الله به بما تقدموا لك من القول ببراءة رفيقهم وإلصاق الجرم باليهودي ولكن الله حافظك من الضلال في الدنيا وكل ما يؤدي إليه. أما الذين يريدون إضلالك فأخيّبهم لأنهم لا يقدرون على شيء لا أريده «وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ»
لأن وبال اضلالهم عليهم «وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ»
لأنك إذا عملت شيئا عملته عن حسن نية حسبما يظهر لك «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ»
لتحكم بين الناس بمقتضاها حسب ظاهر الحال، وقال بعض المفسرين إن الحكمة هنا بمعنى ما يتكلم به الرسول وتسمّى بالسنة، وهكذا أوّلوا أكثر ما جاء في القرآن من لفظ الحكمة بالسنة، إلا أن قوله تعالى بعد هذه الكلمة «وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ»
من خفايا الأمور وضمائر القلوب ينافي المعنى الذي ذكروه لأن السنة هي من جملة ما علمه الله غير القرآن، وهو لا ينطق عن هوى، وهي من حيث اللفظ مرادفة لكلمة فلسفة اليونانية، تأمل «وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً»
(١١٣) في تعليمه وإخباره إياك وإنعامه عليك. قال تعالى «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ» أي مما يسر به قوم طعيمة، والنجوى الإسرار في تدبير الأمر، ويكون غالبا في الشر «إِلَّا» نجوى «مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ» والاستثناء منقطع وإلا بمعنى لكن، لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ» التصدق والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس «ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ» لا لغرض ولا رياء أو سمعة «فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً»(١١٤) جزاء عمله يتعجب من كثرته وحسنه. روى البخاري عن سهل بن سعد أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال اذهبوا بنا نصلح بينهم. وروى البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين اثنين أو قال بين الناس، فيقول خيرا وينهي خيرا. وفي رواية قالت ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث يعني الحرب والإصلاح وحديث الرجل لزوجته وحديث المرأة لزوجها،. أي أن الكذب يجوز في هذه الأمور لأنه لمصلحة ماسة كما