كما تلد النساء بشرا سويا كريما شريفا زكيا، كما مر في الآية ١٦ فما بعدها من سورة مريم في ج ١ والآية ٤٦ فما بعدها من آل عمران المارة، وروحه روح طاهرة مقدسة عالية، روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبده ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان له من العمل. ثم دعا خلقه لما به فلاحهم ونجاحهم فأمرهم بقوله «فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ» كلهم ولا تفرقوا بين أحد منهم «وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ» كما يقوله بعض النصارى «انْتَهُوا» أيها النصارى كلكم نهيا قطعيا بتا عن هذه المقالة يكون «خَيْراً لَكُمْ» لأنها كلمة كفر وشرك منزه عنها جلال الله «إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ» فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكافئه أحد، ليس بأقانيم ثلاثة ولا حلّت ذاته في أحد من خلقه، تعالت ذاته وتقدست وتنزهت عن ذلك «سُبْحانَهُ» وهو المبرأ من «أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ» أو يكون والدا لأحد «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» يتصرف فيهما ومن فيهما كيف يشاء، ومن كان كذلك لا يعقل أن تكون له زوجة أو يكون له ولد أو معاون أو شريك، فهو المنفرد في ملكه وخلقه الوكيل عليهم وحده «وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا»(١٧١) في تدبير خلقه وملكه ويحتاج إليه كل خلقه ناميه وجامده، وهو غني عنهم. واعلموا أيها الناس أنهَ نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ»
بل يتشرف بعبوديته كسائر إخوانه الأنبياء. نزلت هذه الآية حينما قالت النصارى يا محمد إنك تعيب صاحبنا فنقول عبد الله وهو يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص ويمشي على الماء وله خوارق يعجز عنها البشر! يريدون أن من كان من خلق الله وقد شرفه بتلك المعجزات وخصه بتلك الكرامات عار عليه اسم العبودية. كلا أيها النصارى ليست بعار، وإنما هي شرف له، وهو نفسه لا يأنف منها ولا يتعظم على ربه لا هو ولا غيره، َ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ»
مثل جبريل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل وحملة العرش والكروبيين وغيرهم، فكلهم يتشرفون بصفة العبودية له جل