لعن رسول الله وهو في كتاب الله، فقالت المرأة لقد قرأت الوحي (المصحف) فما وجدته، فقال إن كنت قرأته لقد وجدته، فإن الله عز وجل قال (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) يعلمها في هذه الآية أن ما يقوله حضرة الرسول واجب اتباعه مثل الذي يقوله الله في كتابه. وما رويا عن عائشة قالت قال صلّى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. وما رواه أبو داود والترمذي عن أبي رافع أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لا ألفين أحدكم منكبا على أريكته يأتيه أمر ما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه يؤيد هذا ويؤكده. إذا فلا محل للقول فيما قاله حضرة الرّسول بأنه ليس في كتاب الله، ولذلك لا نتفيد به بل هو من كتاب الله، لأن كلّ ما أخبر به رسول الله هو من الله، وفي كتاب الله، وبأمر الله، وعليه فإن من يتعدى لمثل هذا القول هو معاند زنديق لا يؤمن بكتاب الله ولا يصدق رسوله، لأنه لو آمن لما تجرأ على مثل هذا، ثم ذكر الله تعالى أصحاب الحقوق في الفيء بقوله «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ» قسرا من قبل كفار قريش لأنهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» لإعلاء كلمته ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم لمرضاة الله لا لأمر آخر «أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»(٨) في هجرتهم المخلصون بإيمانهم المستحقون للفيء أكثر من غيرهم. روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنّة بأربعين خريفا «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ» اتخذوا المدينة مسكنا لهم ومأوى للمهاجرين من أهل مكة قبل قدوم النّبي صلّى الله عليه وسلم «وَالْإِيمانَ» لزموه وأخلصوا لله به على حد قوله علفتها تبنا وماء باردا. وذلك لأنهم آثروه على الكفر «مِنْ قَبْلِهِمْ» وقيل المهاجرين وهم الأنصار الّذين آمنوا بمحمد قبل هجرته إليهم، وهم الّذين «يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ» من إخوانهم المسلمين المهاجرين حيث شاطروهم بأموالهم ومنازلهم وتخلوا لهم عن بعض نسائهم زواجا لهم، وذلك أن منهم من كان عنده نساء متعددات ولم يكن