أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن او الأيسر ويقول السّلام عليكم. وذلك إن الدّور لم يكن عليها يومئذ ستور فإذا كان لها وراء الباب مانع من الاطلاع على داخلها وما وراءها فيجوز ان يقف أمامه لعدم المحذور، وأخرج ابو داود عن ابي هريرة قال قال صلّى الله عليه وسلم إذا دعي أحدكم فجاء مع الرّسول فإن ذلك إذن له. وأخرج مالك في الوطأ عن عطاء بن يسار ان رجلا سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال استأذن على أمي قال نعم، فقال إني معها في البيت، فقال صلّى الله عليه وسلم استأذن عليها، فقال الرّجل إني خادمها، فقال صلّى الله عليه وسلم استأذن عليها أتحب ان تراها عريانة؟ قال لا، قال فاستأذن عليها وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال اطلع رجل من حجر باب النّبي صلّى الله عليه وسلم ومع رسول الله مدري يرجل، وفي رواية يحك به رأسه، فقال صلّى الله عليه وسلم لو علمت انك تنظر لصقت به فيك، إنما جعل الإذن من أجل البصر، والمدري المشط والقرن وهنا يراد به الثاني لمناسبة الحال والله اعلم. ورويا عن ابي هريرة ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم ان يفقؤا عينه قال تعالى في الأدب الثالث «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ» عما لا يحل النّظر إليه قصدا روى مسلم عن جرير قال سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن نظرة النّجأة قال اصرف بصرك، وأخرج ابو داود والترمذي عن بريدة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلي يا علي لا تتبع النّظرة النّظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية وروى مسلم عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لا ينظر الرّجل إلى عورة الرّجل ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يقضي الرّجل إلى الرّجل في ثوب واحد، ولا تقضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد أي لما في ذلك من الملامسة والنّظر إلى المنهي عنهما وفي ذكر الرّجل والمرأة إشارة إلى أن ذلك معفو في الأولاد والبنات الّذين هم دون البلوغ بل التمييز كما سيأتي في آخر هذه الآية «يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ» عما لا
يحل من الزنى واللّواطة والاستحلاب والسّحاق وابدائها للنظر إليها «ذلِكَ» غض البصر عن المحرمات وحفظ الفروج عن الزنى ودواعيه «أَزْكى لَهُمْ»