لفظ (إن) على (إذا) إيذان بأنهن كن يفعلن ذلك برغبة ورضا منهن، وان المشتكيات منه نادرات شواذ. روى مسلم عن جابر قال عبد الله بن سلول يقول لجاريته اذهبي فابغينا شيئا فأنزل الله هذه الآية. وفي رواية ان جاريتين له يقال لهما سكينة وأمية كان يكرهما على الزنى فشكناه لرسول الله فنزلت. وكان لهذا الخبيث ستّ جوارهاتان اللّغتان ما كانتا ترغبان بالزنى ومعاذه واروى وعمرة وفتيلة اللاتي كن يرغبن فيه. والآية عامة في كلّ من يفعل ذلك، وخصوص السّبب إذا كان اللّفظ عاما لا يقيده. ولا إشكال في قوله تعالى (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) لأن الكلام ورد على سبب وهو الذي ذكر في سبب نزول الآية المارة، فخرج النّهي على صيغة السّبب نفسه وان لم يكن النّهي شرطا فيه لأن الشّرط في ارادة التحصن حيث لا يتصور الإكراه إلّا عند إرادته، فإن لم ترد المرأة التحصن فإنها تبغي بالطبع طوعا، إذ من المعلوم أنه لا يجوز إكراههن على الزنى أردن التحصن أم لا، وفي هذه الآية توبيخ الموالي لأنهن إذا رغبن بالتحصن فهم من باب أولى ان يرغبوا فيه وأحق ان يحبذوه. وليعلم أن هذا ليس لتخصيص النّهي بصورة ارادتهن التعفف عن الزنى وإخراج ما عداها من حكمه، كما إذا كان الإكراه بسبب كراهتهن لخصوص الزنى او لخصوص الزمن او المكان او لغير ذلك من الأمور المصححة للإكراه في الجملة بل للمحافظة على عاداتهم المستمرة، لأنهم كانوا يفعلون ذلك وتقبيح حالهم وتشنيع قبائحهم، لأن من له أدنى مروءة لا يرضى بفجور من في حوزته من الإماء، فضلا عن أمرهن به وإكراههن عليه، لا سيما إذا كن يردن التعفف. هذا ويجوز ان تكون (ان) هنا بمعنى إذ على حد قوله تعالى (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الآية ١٣٣ من آل عمران أي إذ كنتم وهنا ينتفي الشرط تأمل. أما من قال ان في الآية تقديما وتأخيرا ويريد بذلك ان يكون نظم القرآن العظيم هكذا (وأنكحوا الأيامى منكم إن أردن تحصنا ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) بعيد جدا، وان كان حسنا، لأن تلك آية على حدة لا علاقة لها في هذه الآية والله أعلم بنظم كتابه. ولم يثبت عن حضرة المنزل عليه ما يدل على ذلك ولم ينقلها أحد من خواص الصّحابة، لذلك لا يلتفت اليه وهناك قول