«وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ» أيضا لا يقاسون بقومك من حيث القلة والكثرة، وتقدم تفسير ذي الأوتاد في الآية ١٠ من سورة الفجر وقصته مفصلة كما تقدم بيان قصص الآخرين في الآية ١٢ من سورة ق المارة «أُولئِكَ الْأَحْزابُ ١٣» الذين بضرب بهم المثل «إِنْ كُلٌّ» من أولئك «إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ» المرسلين إليهم «فَحَقَّ عِقابِ ١٤» على كل من الطوائف الأول لتكذيبهم أنبيائهم، لأن كل هؤلاء يا سيد الرسل عملوا برسلهم ما عمل بك قومك وقد أصابهم البلاء لعدم إيمانهم بهم «ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ» الذين يجادلونك من قومك إذا لم يؤمنوا «إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً» من ملكنا إسرافيل «ما لَها مِنْ فَواقٍ ١٥» إذا جاءتهم لم تصرف عنهم ولم تتأخر عن الوقت المقرر لها ولو بمقدار فواق الناقة (وهو الزمن بين الحليتين) بل هو أقل من ذلك بكثير، وإنما جاء هذا اللفظ على عادتهم، لأنهم يستقلون هذا الزمن ويضربون به المثل في القلة والسرعة، وفي هذه الآية زجر لهم عظيم، وتهديد وخيم، إذ خوفهم فيها مغبة أمرهم، وقيل معنى فواق رجوع أي إذا جاءت تلك الصيحة لم ترد عنهم بقطع النظر عن الزمن، والمراد بهذه الصيحة الصيحة الثانية لأن سياقها يدل عليها ولأن الصيحة الأولى لا يشاهد هولها، وإنما بصعق فيها من كان حيا من الخلق عند وقوعها حالا، ولا يكون العذاب الموعودون به إذ ذاك واقعا، ولا العذاب المطلق مؤخرا لوقوعها، وما قاله صاحب الغالية بأن النفخات ثلاثة، نفخة الإماتة ونفخة الإحياء ونفخة الفزع المنوه بها آخر سورة النمل الآتية لا يتجه لأن نفخة الفزع هي النفخة الثانية التي يكون فيها الخروج من القبر والحشر والنشر.
تدبر، قالى تعالى «وَقالُوا» كفرة قريش عند سماعهم من حضرة الرسول ما وعد الله به المؤمنين وأوعد به الكافرين أمثالهم «رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا» حظنا ونصيبنا من هذا العذاب الذي توعدنا به على لسان محمد «قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ ١٦» على الأعمال، الذي يذكره لنا ويهددنا فيه، وقائل هذا، النضر بن الحارث على سبيل السخرية والاستهزاء، أي أسرع بإنزاله علينا إن كان ما تقوله حقا، قال تعالى يا محمد:«اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ» فيك وفي ربك وكتابك «وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ» القوة