للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة الإسراء ج ٢، وقال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) الآية ٢٥٣ من البقرة المارة وفي الرّزق أيضا قال تعالى (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) الآية ٧١ من سورة النّحل ج ٢ «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (١١) وسبب نزول هذه الآية على ما قالوا هو أنه جاء أناس من المهاجرين والأنصار إلى مجلس الرّسول فسلموا فرد عليهم السّلام ثم سلموا على الجالسين فردوا عليهم السّلام وبقوا قائمين حيال رسول الله لعدم وجود محل يجلسون فيه، لأن المجلس غاص بالناس، فشق قيامهم على حضرة الرسول لمكانتهم عنده، فقال لمن حوله قم يا فلان وأنت يا فلان فأقام من المجلس يقدر أولئك النّفر وأجلسهم، فشق ذلك على الّذين أقامهم وعرف الكراهية في وجوههم، فلما أنزل الله هذه الآية طابت نفوسهم وركنت إلى أمره الذي هو من أمر الله وفيها تعليم لعباده واخبارهم بأنهم متفاضلون، وإن من الأدب أن يحترم الأدنى الأفضل، قال صلّى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير ما تفاضلت. ومن كمال الآداب احترام من هو دونه أيضا بالملاقاة والتكلم والمجالسة على أن لا يتجاوز فيه الحد بالنسبة له، مثل أن يقوم العالم أو الفاصل لمن هو دونه، فيقدم له الحداء فهذا بعد تخاسا لا أدبا، إذ لكل شيء حد يجب الوقوف عنده، لأن الإفراط والتفريط قد يقضيان للحط من كرامة الرّجل ويوجبان الغيبة له، ورحم الله امرأ جبّ الغيبة عن نفسه، بأن يتحاشى أن يفعل ما يغتاب عليه به فيقطع ألسنة الناس عنه، ومما جاء في فضل العلم ما أخرجه الترمذي عن بن كثير قال قدم رجل من المدينة على أبي الدّرداء وهو بدمشق، فقال ما أقدمك يا أخي؟ قال حديث بلغني انك تحدثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال أما جئت لحاجة غيره؟ قال لا قال أما قدمت في تجارة؟ قال لا، قال ما جئت إلّا في طلب الحديث؟ قال نعم، قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنّة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السّموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء،

<<  <  ج: ص:  >  >>