طعاما فأرسله الرّسول إلى خادمه أسامة بن زيد، فذهب فقال ما عندي؟ فرجع سلمان وأخبرهما فقالا بخل أسامة، ثم أرسلاه لمكان آخر فلم يأتيهما بشيء، فقالا لو بعثناه إلى بئر معونة لغار ماؤها، فانطلقا يتجسسان على أسامة هل عنده شيء أم لا، فلما جاءا إلى رسول الله قال لهما مالي أرى خضرة اللّحم في أفواهكما؟
قالا يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما، قال ظللتما تأكلون لحم سلمان وأسامة، فأنزل الله هذه الآية. وهي عامة لم تقيدها هذه الرّواية ولم يخصصها شيء غيرهما، وباق لحكمها ما بقيت الدّنيا. وإنما مثل تعالى باللحم وخصه بالأخ ليكون آكد في المنع والكراهية، لأن العدو قد يحمله الحق على أكل لحم عدوه كما فعلت هند بحمزة رضي الله عنه، ويكون اللّحم على أكل لحم عدوه كما فعلت هند بحمزة رضي الله عنه، ويكون اللّحم ميتا لأنه أبلغ في الزجر لأن النّفس مهما كانت مضطرة لا تميل إليه بخلاف المذبوح. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال إياكم والظّن، لأن الظّن أكذب الحديث، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا (كررها صلّى الله عليه وسلم ثلاثا وفي كلّ منها يشير إلى صدره الشّريف، يؤمن بذلك إلى التقوى بالقلب لا بشقشقة اللّسان، لأن الله ينظر إلى القلب لا إلى الصّورة) بحسب امرئ من الشّر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم وأعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم. واعلم أن الحكم الشّرعي في هذا هو أنه يحرم على الرّجل أن يغتاب أخاه أو يسمع إلى حديثه بقصد التجسس عليه وأن يظن به سوءا، ومن أكبر الكبائر وأفظعها التجسس على المسلمين وإفشاء أسرارهم الحربية إلى أعدائهم أو إلى من يوصل إليهم، ويسن للرجل أن يستر ما يراه من عيوب إخوانه روى مسلم عن أبي هريرة أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال لا يستر عبد عبدا في الدّنيا إلّا ستر الله عليه يوم القيامة. وروي عنه قال أتدرون ما الغيبة؟ قلت الله ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره، قلت وإن كان في أخي ما أقول؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته. وأخرج ابو داود والترمذي عن عائشة قالت