فقال صلّى الله عليه وسلم أو مسلما، ذكر ذلك سعد ثلاثا وأجابه بمثل ذلك، ثم قال اني لأعطي الرجل وغيره أحبّ إليّ منه خشية أن يكبّ في النّار على وجهه. الحكم الشّرعي:
يعتبر كلّ من نطق بالشهادتين من الجن والإنس مسلما ويعامل معاملة المسلمين ويدفن في مقابرهم، وليس لنا أن نقول له انك لست بمؤمن، لأن العبرة للظاهر وأمر الباطن مفوض الى الله، ولم يقل الرّسول ما قال إلّا بإخبار الله إياه، أما نحن فليس لنا ذلك، كما أنه لو فرض أن هناك مؤمنا سرا ولم يعلن إسلامه ولم ينطق أمام أحد بالشهادتين، قال نعامله معاملة المسلمين ولا ندفنه في مقابرهم، وعدم معاملتنا له لا تضره واعلم أن الإسلام والإيمان واحد عند أهل السّنة والجماعة دون خلاف، ومنهم جعل الإسلام غير الإيمان، ومنهم على العكس مستدلا بحديث جبريل عليه السّلام إذ فرق فيه بين الإسلام والإيمان. والإسلام لم يقرّ فيه الزيادة والنّقص بخلاف الإيمان، راجع الآية الثانية من سورة الأنفال المارة وما ترشدك إليه في هذا البحث، وله صلة آخر سورة التوبة الآتية. ومنهم من جعل هذا الاختلاف بالتعبير فقط، وهو أن تعلم أن بين العام والخاص فرقا، فالإيمان لا يحصل إلّا بالقلب، والإسلام الذي هو الانقياد قد يحصل بالقلب وقد يحصل باللسان، وعليه فإن الإسلام أعم والإيمان أخص، لأن العام في صورة الخاص متحد مع الخاص ولا يكون أمرا غيره، فالعام والخاص مختلفان في العموم والخصوص، متحدان في الوجود، فذلك المؤمن والمسلم. هذا، وإن البغاة المار ذكرهم في الآيتين ٩ و ١٠ المارتين الّذين قال فيهم العلماء إن البغي لا يزيل اسم الإيمان، لأن الله تعالى سماهم مؤمنين مع كونهم باغين، يدل على هذا ما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو القدوة في قتال أهل البغي، وقد سئل عن أهل الجمل وصفين المشركون هم فقال لا، إنهم من الشّرك فرّوا، فقيل أمنافقون هم؟ فقال لا، إن المنافقين لا يذكرون الله إلّا قليلا (أي وهؤلاء يكثرون من ذكر الله تعالى) فقيل ما هم إذا قال إخواننا بغوا علينا. والباغي في الشرع هو الخارج على الإمام العدل، فإذا اجتمعت طائفة لهم قوة ومنعة فامتنعوا عن طاعة الإمام العدل بتأويل محتمل ونصبوا لهم، إماما يرجعون اليه مع وجود