للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهلاك والعذاب الذي يتوخون أن يصيب المؤمنين «وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» لما يحقدون على المؤمنين «وَلَعَنَهُمْ» زيادة على لعنهم الأوّل «وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً» (٦) ومنقلبا قبيحا لأملها «وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً» (٧) كررت هذه الآية تأكيدا، ولأن جنود السّموات والأرض منهم للرحمة قد مرّ ذكرهم في الآية الأولى قبل ذكر إدخال المؤمنين الجنّة ليكونوا معهم فيثبتوهم على الصّراط وعند الميزان، فإذا دخلوها الفوا إلى جوار الله ورحمته، فلا يحتاجون بعدها إلى شيء، ولذلك ختم تلك الآية بقوله عَلِيماً (حَكِيماً) ومنهم للعذاب فأخر ذكرهم في هذه الآية بعد ذكر تعذيب الكافرين والمنافقين ليكونوا معهم فلا يفارقوهم أبدا، ولذلك ختم هذه الآية بقوله (عَزِيزاً حَكِيماً) كقوله (أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) الآية ٢٠ من سورة الزمر ج ٢ وقوله (أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) الآية ٤٣ من سورة القمر في ج ١ «يا أيها النبي إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً» على الأنبياء قبلك وأممهم وأمتك ومن توالد منهم إلى يوم القيامة «وَمُبَشِّراً» أهل الخير بالجنة دائمة النّعيم «وَنَذِيراً» ٨ لأهل الشّر بالنار دائمة الجحيم، وإنما جعلنا نبيّكم أيها العرب مخصوصا بهذه المزية «لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ» تنصروه نصرا مؤزرا مع التعظيم والتبجيل «وَتُوَقِّرُوهُ» تحترموه مع الإجلال والتكريم «وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» (٩) وهذه الضّمائر كلها لله تعالى. وما قيل إن ضمير تعزروه فما بعده لحضرة الرّسول وضمير تسبحوه لجلالة الإله لا يصح إلّا أن يجعل الوقف على وتوقروه وقفا تاما ثم يبتدأ مستأنفا بما بعده، وهذا بعيد، لذلك جرينا على خلافه وهو الأولى والأحسن بدليل التعليل أول الآية واجراء نسق العطف على ما هو عليه وقرئت هذه الأفعال كلها بالتاء دلالة على ذلك، ويجوز قراءتها بالياء على التبعة بطريق الالتفات والمعنى على ما هما عليه. وهذه الآيات التي نزلت بالطريق بعد منصرف رسول الله من الحديبية كما أشرنا إليه أول السّورة. قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» أي المبايعين والمبايع له، واعلموا أيها المؤمنون انكم ألزمتم أنفسكم في هذه المبايعة الشّريفة النّصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>