للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تنشأ عن أكله تنتقل إلى الغير فلا يقتصر ضررها على المصاب بل يكون مصدرا للعدوى. وإنما يلازم ذلك الطّفيل الخنازير خاصة لأنها متوغلة بأكل الجيف والعفونات والأقذار، فضلا عن أن أكله يورث قلة المروءة والغيرة لأنك لا تجد حيوانا يشاهد مثله حين ينزو على الأنثى إلّا حاربه غير الخنزير فإنه يعينه على الفعل إذ يسنده بظهره حالة نزوّه ويركيه على الأنثى، ولهذا نجد المدمنين على أكله لا يبالون بما يصيب أعراضهم ولا يهمهم شأن نسائهم لأن الله تعالى أزال مادة الحياة منهم، أجارنا الله وحمانا من كلّ سوء ووقانا بفضله ولطفه. قال تعالى «وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ» أي ذبح على غير اسم الله بأن يبتدأ باسم الموثن عند الذبح، وهذا أمر تعبدي تعبدنا الله به صونا لألوهيته من أن يشرك بها غيرها. قال تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الآية ١٢١ من سورة الأنعام في ج ٢ ولا حق لنا أن نقول لماذا بعد أن صرح لنا بتحريمه لأن أفعال الله لا تعلل «وَالْمُنْخَنِقَةُ» الميتة خنقا بدل الذبح كما يفعله الهندوس وغيرهم، وبعضهم يضربون الحيوان ضربة قوية على رأسه بآلة حديدية فيخر ميتا «وَالْمَوْقُوذَةُ» المقتولة ضربا «وَالْمُتَرَدِّيَةُ» الواقعة بنفسها أو المطروحة من مكان عال أو جبل شاهق فتموت «وَالنَّطِيحَةُ» من شاة أو بقرة أو غيرهما حتى تموت، فهذه كلها حكمها حكم الميتة وفيها ما فيها، إلا أنه لما كان موتها بسبب أفردها بالذكر لئلا يتذرع أحد بأنها لا تسمى ميتة ولا تدخل في حكمها «وَما أَكَلَ السَّبُعُ» بأن أكل بعضه فمات، والسّبع يطلق على كلّ حيوان له ناب يعدو على النّاس والدّواب كالأسد والذئب والنّمر وغيره، فكذلك أيضا حكمها حكم الميتة، ثم استثنى تعالى شأنه من هذه الأحوال فقال «إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ» بأن أدركتموه حيّا حياة مستقرة كعين تطرف أو ذنب يتحرك أو رجل ترفس فذبحتموه قبل أن يموت فيحل لكم أكله، لأن الذكاة كما ذكرنا آنفا تصفى تلك الدّماء السّامة وتخلص اللحم من المواد الضّارة بحكمة الله تعالى، أما الحياة غير الثابتة في الحيوان مما يرى في حركاته بسبب تفلص الدّم في عروقه أو اختلاج أطرافه وجوانبه فلا تعد حياة مجيزة لأكله

لأن هذه الحركات والاختلاجات قد تكون في الحيوان بعد الذبح

<<  <  ج: ص:  >  >>