للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الآية ٨ من سورة الحشر المارة على شرط أن يوثق بصحة ما ورد عنه صلّى الله عليه وسلم قال تعالى «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ» التي سألتم عنها وقد كررها تأكيدا «وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ» فلا حرج بالأكل عندهم ومعهم وعلى مائدتهم مما يحل أكله عندكم وشربه، أما المجوس والمشركون ومن ليس لهم كتاب سماوي فلا يحل أكلهم للمؤمنين ولا جناح على المؤمنين أن يطعموهم من طعامهم، ولا قيمة لقول من قال أن المراد بالطعام هو الحبوب المطحونة غير المطبوخة ويحرم طعام أهل الكتاب ويعتقد نجاستهم المذكورة في الآية ٢٨ من سورة التوبة الآتية نجاسة حسية لا معنوية لمخالفة صراحة هذه الآية والإجماع وما كان عليه عمل الأصحاب، كما لا وجه لقول من قال إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الآية ١٢٢ من سورة الأنعام في ج ٢ لأنها مطلقة، وليس الأمر كذلك، لأن الأصل أنهم يسمون عند الذبح فيحمل أمرهم على هذا. قل إنا إذا تيقنا أنهم يذبحون على غير اسم الله فلا يحل لنا الأكل منه، وليس علينا أن نسأل عن هذا، ولا يجوز أن نأخذ بقول لا يعتمده الكتاب ولا السّنة. على أن أبا حنيفة رحمه الله قال لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين قلنا، وعلى أي دليل استندنا. وقال الشّافعي رضي الله عنه إذا صح الحديث فهو مذهبي وقال غيره تأويلا لقوله إذا صح الحديث فهو مذهبي بما

يخالف قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط «وَالْمُحْصَناتُ» العفيفات الحرائر أحل لكم أخذهن سواء كن «مِنَ الْمُؤْمِناتِ» أو من غيرهن لقوله تعالى «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» أيضا «إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» مهورهن «مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ» أي متزوجين غير زانين «وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ» صاحبات يفجرون بهن، وهؤلاء الصّديقات اللائي هنّ في الحقيقة عدوّات قد تنفرد الواحدة منهن لأن يبغي بها صاحب واحد تخلص اليه فقط فلا تزاني غيره، ومنهن من تزاني غيره أيضا، وهذا حرام قطعا لا فرق بالزنى بها وبالمسب لة، راجع الآية ٢٥ من سورة النّساء المارة فيما يتعلق في هذا البحث

<<  <  ج: ص:  >  >>