تخالف فيها، لأن المرسل واحد، قال تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً ... ) وقال تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وأمر بعدم التفرق راجع الآيات ٩٠ من الأنعام و ١٣ و ٥٢ من الشّورى والمؤمنين في ج ٢ و ١٥٦ من الأعراف ج ١ و ١٦٢ من النّساء المارة وما تشير إليها من المواقع، وإن ما جاء على زعم من لا خلاق له من التباين هو في فروع الدّين لا في أصوله وأن الله تعالى له أن يتعبد عباده بما شاء لما شاء في كلّ وقت «وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً» على شريعة واحدة ودين واحد، ونظير هذه الآية الآية ١١٩ في سورة هود في ج ٢ أي متفقين لا مختلفين «وَلكِنْ» لم يشأ ذلك، وإنما جعلكم باختلاف وتفرق في أمر الدّين «لِيَبْلُوَكُمْ» يختبركم وليمتحنكم «فِي ما آتاكُمْ» من الشّرائع وتعبدكم بها بمقتضى حكمته فيها من الاختلاف في معالم الدّين وفروعه المتباينة تخفيفا ونثقيلا ليبين للناس المنقاد لأمره كيف كان من المعرض عنه وفق ما هو ثابت في أزله تعالى «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ» يا أمة محمد بالأعمال الصّالحة المقربة إلى الله قبل انقضاء آجالكم لتنتهوا «إِلَى اللَّهِ» هو «مَرْجِعُكُمْ» ومصير جميع الخلق اليه «جَمِيعاً» إسلامكم ويهودكم ونصاراكم وكفاركم على اختلاف مللكم ونحلكم ويوم ترجعون إليه «فَيُنَبِّئُكُمْ» على رءوس الأشهاد في الموقف العظيم «بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ»(٤٨) من الشّرائع وغيرها فيظهر إذ ذاك المحق من المبطل والموافق من المخالف والصّادق من الكاذب ظهورا مبينا لا شبهة فيه. قال تعالى «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ» عليك في هذا القرآن «وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ» بسائق شهواتهم النّفسية الرّديئة ذات المقاصد الدّنية «وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ» بما يرجونه منك من اجراء ما لا يرضي الله مما يخالف أحكامه التي أنزلها إليك فيميلوك «عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ» فيحملوك على ترك العمل به أو بشىء منه مجاراة لأهوائهم الباطلة وهذا الخطاب لحضرة الرّسول على سبيل التوبة ويراد منه الزجر والرّدع للغير من أن يراجعوا حضرته بما يراه من الحق أو يطلبوا منه مراعاة بعضهم في الأحكام حسب مطامعهم العاطلة وآرائهم الباطلة، لأنه صلّى الله عليه وسلم معصوم من الافتتان بالكلية،