وضرع وزرع وصناعات ومصارفها ويجلبون معهم من بلادهم مما يصنعون للبيع والاطلاع ويتداولون بشأنه فيما بينهم لأن كلّ غريب طريف وقد يتباهى النّاس باقتناء الأشياء الغريبة والنّادرة، ولهذا ترى في الحرم الشّريف جميع مصنوعات ومنسوجات البلاد، ويوجد فيه مالا يوجد في غيره من الأثاث والرّياش تصديقا لقوله تعالى (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) الآية ٥٧ من سورة القصص في ج ١ وعادة جلب الأموال والأشياء إلى الحرم عادة قديمة قبل الإسلام يؤتى بها من كل حدب وصوب وتكدس فيه حتى إذا لم تصرف كلها تركوا الباقي فيه دون حراسة لا يخافون عليه سرقة ولا نهبا، ولهذا ولكون قاتل الأبن إذا رآه الأب فيه لا يكلمه لقب بالبلد الأمين، وهو محرم بالجاهلية والإسلام، ولا يستطيع أحد أن يشاحن أحدا فيه على مال أو سرقة أو سلب أو سبي. قال تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) الآية ١٩٨ من البقرة المارة هذا فيما يتعلق في أمر دنياهم ويتذاكرون أيضا في أمر آخرتهم، لأنه في إقامة مناسك الحج علو الدّرجات عند الله تعالى، وتكفير الخطايا والسّيئات، وزيادة الكرامة في الجنّات «وَالشَّهْرَ الْحَرامَ» جعله أيضا لما فيه من الأمن العام على من عرف ومن لم يعرف وفي الشّهر للجنس فيشمل الأشهر الأربعة لأنها من هذه الحيثية سواء «وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ» جعلها الله أيضا قياما للناس، لأن من يسوق الهدي إلى الحرم لا يتعرض له أحد، ولأن فيه وسعة على الفقراء، راجع الآية الثانية المارة وبحث الحج في الآية ١٩٣ من البقرة ٢٦ من سورة الحج المارتين «ذلِكَ» جعل الله هذه الأشياء قواما للناس في أمورهم الدّينية والدّنيوية والأخروية «لِتَعْلَمُوا» أيها النّاس «أَنَّ اللَّهَ» تعالى عالم في الأزل بمصالحكم وحوائجكم في هذه الشّعائر، وهو جل شأنه «يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» كليّاتهما وجزئيّاتهما، ظاهرهما وباطنهما، خفيهما وجليهما «أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(٩٧) من كلّ ما كان ويكون قبل كونه ومكان كونه وزمنه ورقت إعدامه وإعادته «اعْلَمُوا» أيها النّاس «أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» لمن انتهك حرماته «وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(٩٨) لمن تاب وأناب ومات على