للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر من أجل الأنثى «وَلا حامٍ» هو الفحل إذا نتج من صلبه عشرة أبطن قالوا حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يذبح، حتى إذا مات أكله الرّجال والنّساء، هذا مما اختلفوه من أنفسهم لأن الله تعالى لم يأمر بشيء منه ولم ينزله في كتابه، ولم يكلف هؤلاء الجهلة تلك الأمور بل ابتدعوها ابتداعا، ومن هذا القبيل الأفعال المارة في الآية ١٣٩ فما بعدها من سورة الأنعام المارة في ج ٢ فهي أيضا لا أصل لها في الشّرائع السّماوية ولم ينزل الله شيئا منها في كتابه على أحد من أنبيائه «وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» يحرمون ويحللون تبعا لآبائهم الّذين اخترعوا ذلك «يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» في نسبة ما يحلونه أو يحرمونه اليه تعالى «وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ» (١٠٣) بأن هذه الأشياء ابتدعها رؤساؤهم وقلدوهم بفعلها من غير علم بأحقيتها. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ورأيت عمرا (هو عمر بن عامر بن لحي بن قمعه بن خندق أخر بني كعب) يجرّ قصيه (أمعائه) في النّار، وهو أول من سيّب السّوائب وتبعه من بعده الناس والضّمير في أكثرهم يعود للاتباع المقلدين هذه العوائد المختلفة، لأن فيهم من يعقل إنها ليست بشيء ولكن لا يقدرون أن يستبدوا وحدهم بتركها ولا يستطيعون منع غيرهم. قال تعالى «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ» فاعملوا به وافعلوا عن هذه الأعمال الواهية التي لا أصل لها «وَإِلَى الرَّسُولِ» أي اركنوا إليه ليبين لكم كذب ما تضيفونه إلى الله من هذه الأشياء وغيرها، ويوضح لكم ما حرم عليكم وأحل لكم كما أنزل الله «قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» من حلال وحرام، فهو كافينا عن مراجعتكم لا نريد غيره، فردّ الله عليهم بقوله «أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ» الّذين قلدوهم بها «لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً» من طرق التحليل والتحريم «وَلا يَهْتَدُونَ» (١٠٤) إلى طريق الحق ودين قويم وشريعة صحيحة

وصراط مستقيم، أتقتدون بهم وهم على ضلال، أليس هذا جنونا وحمقا وسفها، لأن الاقتداء إنما يعتبر إذا كان المقتدى به عالما مهتديا عاقلا مفكرا

<<  <  ج: ص:  >  >>