(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) الآية ٤٧ من سورة المؤمن ج ٢، ولقوله في أصحاب المائدة (عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) الآية المارة، قال ابن عباس نزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة من فوقها وغمامة من تحتها وهم ينظرون إليها وهي تهوي إليهم منقضة حتى سقطت بين أيديهم، فلما رأوها لا تشبه موائدهم قال شمعون أكبر الحواريين أمن طعام الدّنيا يا روح الله؟ قال لا من طعام الدّنيا ولا من الجنّة، ولكنه شيء اخترعه الله لكم، فكارا مما سألتم واشكروا الله يزدكم، قالوا كن أول من يأكل، قال إنما يأكلها من سألها، فخافوا أن يأكلوا منها، فدعا إليها أهل الفاقة والمرض، فأكل منها ألف وثلاثمائة رجل وهي بحالها ثم طارت وهم ينظرون إليها حتى توارت صعودا، قال الكلبي ومقاتل أنزل الله سمكة وخمسة أرغف فأكلوا منها ما شاء الله، فلما نشروا الخبر ضحك من لم يشهدها وقالوا سحركم، فمن أراد الله به خيرا ثبّته، ومن أراد فتنته رجع إلى كفره، فمسخوا، قالوا وليس فيهم صبي ولا امرأة، وبعد ثلاثة أيّام هلكوا، وكذلك كلّ ممسوخ، قالوا والسّبب في تسميتهم حواريين إنهم كانوا قصارين أي صباغين، وان مريم عليها السّلام كانت وضعت عيسى عند رئيسهم ليتعلم منه، وكان عرض له سفر فقال يا عيسى إنك قد تعلمت هذه الصّنعة وهذه ثياب قد علمت عليها بخيط من جنس الذي تصبغ به، وهذه أواني الصّبغ ودتان مختلفة بحسبها فأريد أن تصبغ كلا منها في دنه بمقتضى اللّون المطلوب، وان تفرغ منها قبل قدومي، وتركه وذهب، فقام عيسى فطبخ دنا واحدا بلون واحد ووضع الثياب كلها فيه، وقال كوني بأمر الله على ما أريد منك من الألوان مثل ما قال المعلم فقدم معلمه وقال له ماذا عملت بالثياب؟ قال فرغت منها وهي هذه كلها في جب واحد، قال أفسدتها وسببت لي خصومة أهلها، قال عيسى لا، ثم أخرجها فإذا هي كما أراد: الأصفر أصفر، والأحمر أحمر، والأخضر أخضر، والأسود أسود، فتعجب المعلم من ذلك وعلم أن هذا من الله، فآمن به هو وأصحابه وأظهروا معجزته للناس. وقيل سموا حواريين لصفاء قلوبهم. واذكر يا محمد لقومك أيضا «وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي