أنا الإله القاهر «وَالْحَقَّ أَقُولُ ٨٤» أقسم بذاته جلت وعلت وهذا أعظم قسم به «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ» نفسك وذريتك وجنسك من الشياطين والجن والمردة «مِمَّنْ تَبِعَكَ» في الإغواء والضلالة والغواية والإضلال «مِنْهُمْ» من ذرية آدم الذين أقسمت على إغوائهم «أَجْمَعِينَ ٨٥» توكيد للضميرين في منك ومنهم أي التابعين والمتبوعين. وليعلم القارئ الفطن أن هذه القصة قد تكرر في سور أخرى كثيرة في القسم المكي والمدني ولكن يوجد في بعضها ما لا يوجد في الأخرى للايجاز، وقد يكون فيها لفظان متحدان مآلا، مختلفان لفظا رعاية للتفنن وقد يحمل الاختلاف على تعدد الصدور فيقال إنه أقسم مرة بعزة الله كما هنا وأخرى باغوائه كما في الأعراف الآتية في الآية ٦٧، وقد يحمل الاختلاف على اختلاف المقام كإثبات الفاء هنا في (فانظرني) وتركها في الأعراف وغيرها، فالذي يجب اعتباره هو أصل المعنى ونفس المدلول، وحيث أن مقام الحكاية اقتضى ذلك وهو ملاك الأمر، فلا يخلّ تغير الألفاظ في أصل المعنى كما ترى، وسنأتي على تفصيل القصة في الآية المذكورة من الأعراف إن شاء الله بأوضح من هذا. قال تعالى يا محمد «قُلْ» لقومك ان ما أنذركم به عن الله واجب عليّ حتما تنفيذا لأمر الله به واثبه إليكم مجازا «ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ»
ما أبدا ولا أطلب منكم جعلا البتة «وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ٨٦» المتعصّبين المتحلّين بما ليسوا من أهله، ولا المتخلفين المتقولين من أنفسهم، ولا من المدعين بما ليس عندهم حتى أنتحل لكم وأتقول بالقرآن والادعاء بالنبوة «إِنْ هُوَ» الذي أنذركم به ليس «إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ٨٧» أجمع، أنزله الله عليّ لأذكركم به علّكم تتعظون بأوامره ونواهيه «و» إن لم تفعلوا وعزة ربي وجلاله «لَتَعْلَمُنَّ» يا قومي ويا أيها الناس أجمع «نَبَأَهُ» الصادق وخبره الحق اليقين «بَعْدَ حِينٍ ٨٨» أي مطلق زمن معلوم عند الله لم يظهر لأحد، إلا أن الآية تفيد أن من بقي حيا علم ذلك إذا ظهر أمره وعلا، ومن يموت علمه بعد موته، والكل يعلمه يوم القيامة حقا، قال الحسن: عند الموت يأتيك الخبر اليقين. أخرج ابن عدي عن ابي برزة