الرسول وأصحابه المؤمنين، فذهب عوف ليخبر حضرة الرّسول بقولهما، فوجد القرآن قد سبقه، ونزلت هذه الآيات. قال عوف فتعلق المنافق بعقب ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه من القوم حيث صاروا يرجمونه لقبح ما سمعوا منه وهو يقول يا رسول الله إنا كنا نخوض ونلعب. وقال ابن كيسان. كمن رجال منافقون في العقبة عند رجوع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من تبوك ليفتكوا به فأخبره جبريل عليه السّلام بمكانهم وما أضمروه له فقال لحذيفة اذهب إلى هؤلاء واضرب وجوه رواحلهم، ففعل حتى نحاهم عن الطّريق وقال هلا عرفتهم قال لا يا رسول الله فقال صلّى الله عليه وسلم انهم فلان وفلان حتى عدهم اثني عشر رجلا، فقال حذيفة هلا بعثت من يقتلهم يا رسول الله فقال صلّى الله عليه وسلم أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل بقتلهم بل يكفيناهم الله، فلما أتى بهم طفقوا يعتذرون. قال تعالى قل يا سيد الرسل لهم «لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ» بأفعالكم هذه واستهزائكم وأقوالكم القبيحة هذه، وطعنكم لحضرة الرّسول وأصحابه المؤمنين المبرأين عما وصمتموهم به، المنزهين عما ألصقتموه بساحتهم الطّاهرة، مما أوجب كفركم «بَعْدَ إِيمانِكُمْ» الذي كنتم تحتجون به ظاهرا وقد ظهر أمركم للخاص والعام فلا محل لقبول أعذاركم الواهية حيث أكذبها الله، ولما رأوا أنه قد سقط في أيديهم وعلموا أنه قد فضح أمرهم شرعوا يطلبون العفو عما سلف منهم، فقال تعالى «إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ» تابت عما بدر منها وأقلعت عن نفاقها وأحسنت إيمانها «نُعَذِّبْ طائِفَةً» أصرت على ذلك فلم تتب ولم تقلع عما هي عليه «بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ»(٦٦) بإقامتهم على النّفاق ومباشرتهم له. واعلم أن لفظ الطّائفة عند العرب كلفظ النّاس يطلق على الواحد والجماعة، راجع الآية ١٧٤ من آل عمران المارة، قال محمد ابن اسحق إن الذي عفا عنه اسمه مخاشن بن حمير الأشجعي لأنه تاب فرر نزول هذه الآية، وقال اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ أعنى بها تقشعر منها الجلود وتجبّ منها القلوب، اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت فأجيب يوم اليمامة ولم يعرف مصرعه واسمه عبد الرّحمن، أي سمي بذلك، رحمه الملك الدّيان. قال تعالى «الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ» قيل كان الرّجال المنافقون