المحقق موتهم على الكفر، فأنزل الله هذه الآية ينهاهم بها عن الاستغفار لهم. ثم أنه تعالى أجاب عما وقع في قلوبهم من استغفار إبراهيم عليه السّلام لأبيه وقالوا إذا كان إبراهيم يستغفر فلماذا لا نستغفر لموتانا، لأنهم ووالد ابراهيم في الكفر سواء بقوله عز قوله «وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ» بأن يؤمن به لا عبثا ولا قصدا مع العلم ببقائه على كفره ولا عن شيء آخر. وقرأ بعضهم أباه بالباء الموحدة ومنهم الحسن، ولكن لا عبرة بها لأن كلّ ما هو مخالف لما في الصّحف لا يلتفت إليه، لأنه على هذه القراءة يكون إبراهيم الذي وعد بالاستغفار، والحال أن أباه هو الذي وعده بالإيمان، ولذلك صار يستغفر له على أمل إيمانه دون وعد منه بل لحق الأبرة. وما قيل إن ابن المقفع صحف ثلاثة أحرف بالقرآن العظيم هذه الياء بالباء، وعين عزّة وشقاق الآية الثانية في سورة ص ج ١ بالغين المعجمة والرّاء بدل الزاي، فتصير (غرّة) وغين (يغنيه) من قوله تعالى (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) الآية ٣٨ من سورة عبس في ج ٢ بالعين المهملة، فيصير (يعنيه، فقيل كذب، ونقل زور، وكلام بهت لا يلتفت إليه إلّا ضعيف اليقين قليل العقيدة بالله تعالى الذي تعهد بحفظ كلامه من التبديل والتغيير، راجع الآية ١٠ من سورة الحجر المارة في ج ٢ وما ترشدك إليه في المواضع. ومن هذا ابن المقفع حتى يجرؤ على ذلك وهو في أهل زمن لا يجرؤ أن ينبس بنبت شفة على كتاب الله تجاه أهله الذي أجمعت عليه الأصحاب بعد رسول الله، والتابعين من بعدهم، واقتفى أثرهم اجماع علماء الأرض، فلو حدثته نفسه بذلك هل يقرونه عليه؟ كلا، بل لقطع منه الحلقوم، وهذا القرآن كما بيناه في الآية المذكورة من الحجر وفي مواضع أخرى مبينة فيها أن جميع ما بين الدّفتين الموجود الآن هو كلام الله تعالى بتمامه وحروفه كما أنزله لم ينقص منه حرف، ولم يزد فيه حرف، ولم يبدل منه حرف واحد أبدا، راجع تفسير آخر سورة الأحزاب المارة وما ترشدك إليه، وفي المقدمة في بحث نزول القرآن تجد ما تكتفي به. وهذا الاستثناء في الآية هذه مفرّغ من أعم العلل أي ما كان استغفار ابراهيم عبثا ولا لعبا ولكن عن موعدة من أبيه