عليهم لذلك قال تعالى «وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ ٣٧» جاحدين وحدانية الله ونبوة رسله وما أنزل عليهم من الكتب، واعترافهم هذا تحسر على ما فات، وهذا السؤال والجواب واجب الإيمان به بمقتضى ظاهر القرآن وانه واقع لا محالة، وعدم سماعنا له لا يكون حجة لعدم وقوعه لأن الله قادر على ان يسمع وان لا يسمع ولا تعارض بين ما في هذه الآية وآية «وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ» ٢٣ من الأنعام في ج ٢ لأن مواقف القيامة متعددة كما مر في الآية ٦٠ من ص وما يرشدك لغيرها فيها وهذا غير سؤال القبر الذي يجب الاعتقاد به وهو لا يسمع ايضا أما سؤال يوم القيمة فيكون على ملأ الأشهاد ولا تردد فيه، ومنه آية الأنعام المارة ولهذا قلنا لا تعارض بينهما. هذا والطوائف مختلفة والأحوال شتى وان ما مشى عليه بعض المفسرين بأن هذا السؤال يكون يوم القيمة للكافرين من قبل ملائكة العذاب وحكمه حكم آية الأنعام ينافيه ظاهر الآية المفسرة الدالة على وقوعه في الموت، وعلى هذا يكون هنا سؤال عند الموت
وآخر في القبر لا يسمعان والثالث في البعث في جميع مواقف القيمة مسموع. تدبر و «قالَ» تعالى لأولئك الذين شهدوا على أنفسهم بالكفر «ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ» أي بيتها وهي التي «قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» قدمهم لمزيد شرهم ولكون شرهم عدوانا «وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ» جزاء اشراككم وبهتكم في الدنيا فهي مأواكم ومقركم «كُلَّما دَخَلَتْ» النار فهم «أُمَّةٌ» جماعة أو ملة واحدة «لَعَنَتْ أُخْتَها» من اهل ملتها التي أضلتها فتلعن التابعة المتبوعة التي أضلتها وتلعن المتبوعة التابعة حيث زادت في عذابها «حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها» تلاحقوا واجتمعوا جميعا الأولون والآخرون «قالَتْ أُخْراهُمْ» الأتباع «لِأُولاهُمْ» المتبوعين من القادة والرؤساء «رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا» في الدنيا عن الهدى وسنّوا لنا طرق الردى وأمرونا باتباعهم «فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ» لأنهم ضلوا وأضلوا، والضعف في اللغة ما زاد على المثل غير مقيد بمثلين أو أكثر فأوله المثل وأكثره غير محصور لذلك يطلق على مثل الشيء وتضعيفه عند الإطلاق، فاذا أضيف لعدد اقتضى ذلك العدد