يصرفون قسما من حياتهم فى عبادة الله طلبا لهذه الرحمة والمغفرة. وينبغي أن يجمعوا في طلب الرزق من الحلال ويقولوا الله كريم، ولا شك أن الله غفور رحيم ولكن هل تجد رحمة في كتاب الله مطلقة من قيد؟ كلا، فإنها في هذه الآية مقيدة بالإحسان، وفي آية ٨ من سورة طه الآتية (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) ، وفي الآية ١٨ من سورة الجاثية في ج ٢ (وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وكذلك غير هذه الآيات التي ستمر بك.
مطلب في الرحمة واكتساب التأنيث والتذكير والمطر:
ومعنى الرحمة بالنسبة إلينا رقة في القلب تقتضي الإحسان إلى المرحوم، وبالنسبة لله إنعام وإفضال على من يشاء من عباده وإيصال الخير إليهم، وجاء لفظ قريب بالتذكير لأنه مضاف إلى مذكر والمضاف قد يكتسب التذكير من المضاف إليه كما في قوله:
فكلمة إنارة المؤنثة اكتسبت التذكير من المضاف إليها وهو القلب ولذلك جاء وصفها مذكرا كما هنا وبالعكس كقوله:
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
فقد اكتسب المضاف وهو حب التأنيث من المضاف إليه وهو الديار ولذلك جاء الضمير العائد إليه في شغفن مؤنثا، ولولا ذلك لقال في الأول مكسوفة وفي الثاني مشغف، وهذا أحسن ما قيل في معنى قريب من الآية المفسرة من أقوال كثيرة لا سيما وان الرحم مقارب للرحمة لفظا وقريب على صفة فعيل، وفعيل الذي بمعنى فاعل قد يحمل على فعيل بمعنى مفعول فلذلك جاء على صفة التذكير، قال تعالى «وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً» وقرىء بضمتين جمع بشير وبفتح الياء على المصدرين من بشر المخفف بمعنى بشر المشدد أي باشرات أو لأجل البشارة، وقرى بشرى كحبلى من البشارة أيضا، وهذه الرياح هي التي تؤثر بالإبرة المحدثة (باريمتر وو هي من معجزات القرآن العظيم) ، إذ كلما أحدث أهل العصر شيئا دلنا على ما فيه