وطرد «أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ» لأحجار تعبدونها «سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ» آلهة وهي خلو من اسمها ومعناها، لا دليل لكم عليها باستحقاق العبادة لأنها لا تنفع ولا تضر ولا تبصر ولا تسمع، فتسميتكم لها آلهة «ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ» حجة أو برهان بل ابتدعتموها ابتداعا وكذلك آباؤكم الذين قلدتموهم بعبادتها لهذا أنصحكم أن تقلعوا عنها وتؤمنوا بالإله الواحد وإذا بقيتم مصرين على ذلك «فَانْتَظِرُوا» نزول العذاب من ربي بكم «إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ٧» وقوعه إيفاء لوعيد الله لكم ووعده لي باهلاككم ونجاتي وفي هذا تهديد شديد لهم ان لم يرجعوا عن كفرهم ويؤمنوا به وبربه وقد أوقعه عليهم بدليل قوله «فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا» لمن صدق وآمن بوعدنا ووعيدنا «وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» الدالة على صدق نبينا إنجازا لوعدنا له فأنزلنا بهم العذاب المترتب على تكذيبهم لنبيهم وعدم اكتراثهم به وأهلكناهم جميعا إهلاك استئصال لأن الدابر أصل الشيء أو الكائن خلفه فقطع دابرهم كناية عن تدميرهم عن آخرهم. ولهذا فإن عادا الأولى لا خلف لها «وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ ٣٢» بي ولا بالذي أرسلته إليهم ونفي الإيمان عنهم مع تكذيبهم اشعار بأنهم خصوا بالهلاك لإصرارهم على الكفر ولو لم يهلكهم لبقوا مصرين عليه ولم يؤمنوا، فهو كالعذر في عدم الصبر عليهم.
مطلب قصة هود عليه السلام:
وخلاصة القصة أن قوم هود تبسطوا في الأرض وعتو عتوا شديدا بما أعطوه من القوة والمال والكثرة، وكان لهم ثلاثة أصنام الصداء والصمود والهباء، وقد تغالوا في عبادتها وكان هود عليه السلام اعتزلهم إلى أن أرسله الله إليهم فأبدى لهم نصحه وخوّفهم وحذرهم مرفضوا الإصغاء إليه فأمسك الله عنهم القطر ثلاث سنين، وكانت عادتهم إذا نزل بهم بلاء فزعوا الى بيت الله الحرام يطلبون الفرج منه عند بيته، ولما طال عليهم الأمر أوفدوا سبعين رجلا من خيارهم الى بيت الله برئاسته قيل بن عنتر ونعيم بن هزال ومرثد بن سعد وكان مؤمنا يكتم إيمانه